وعد الأكاديمي حبيب بوخليفة، بتقديم حوصلة حول الأعمال المشاركة في المهرجان الوطني ال14 للمهرجان المحترف، ولكونه تراس لجنة التحكيم لم يتمكن من تقديم نقده في وقته واكتفى عقب إعلان نتائج المسابقة أن يقدم كلمته عن عروض المهرجان، حيث اعترف في البدء للقائيمين على تنظيم هذه الطبعة انهم وفوا بوعودهم بخلق جو بهيج وملائم رغم الظروف الصعبة جدا جراء جائحة كورونا (كوفيد- 19)، وشح الموارد المالية، والتي بدورها هي صعبة للممارسة المسرحية على كل المستويات. ثمن حبيب كل الجهود التي بذلت من اجل ان تكون فعاليات الحدث جامعة للفنانين والفنانات بعد عامين من الجمود المخيف، وهكذا يستمر فن يختلف عن كل الفنون بحكم أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالبشر وبكثير من العوامل منها المادية والمعنوية. لم يمنع هذا بوخليفة، من أن يشخص نقائصه في حوصلة نقدية أظهر فيها النقص الذي يعيشه في خصائص الممارسة المسرحية بكل فصولها ومفردتها الفنية، حتى أصبح حاضرا غائبا، ولم أكن يتدخل في موضوع العروض لانه كنت ملتزما باخلاق رئاسة لجنة التحكيم. تحدث بوخليفة عن بعض العروض المسرحية كنماذج من موقف النقد والانتقاد، وأول ما لاحظ أن العروض كانت تفتقد أساسا لعملية جوهرية فيما يخص إدارة الممثل التي تعتبر جوهر عملية الاخراج الدرامي المسرحي والتي ترتبط بالنص سواء كان مخطوطا أو ذهنيا، يلي ذلك تحديد النوع المسرحي والربط بينها، حيث اختلطت الأنواع المسرحية في العرض الواحد لتخلق تناقضا في التشخيص وتطور مسار انماط الشخصيات وتعطي صورة فوضوية لمعالم العرض وانسجامه مع غياب المتعة المسرحية مما أضفى مقاربة سطحية وافتقاد توازن الايقاع في كثير من مواطن العرض. أغلبية العروض كانت توظف السينوغرافيا بشكل متهافت وغير مدروس، بما فيها الاضاءة والموسيقى والملابس، دون تحديد الهدف الأسمى من العرض. اعتمد صناع العرض على التساهل والسرعة في تركيب فصول المشاهد، حيث تظهر في بعض الأحيان غير ضرورية ومجانية. افتقدت تقريبا كل العروض القدرة على الربط بين الشكل والمضمون والنوع، فتنتقل من التراجيديا إلى الهزلية إلى الدراما إلى الكوميديا إلى الأسلوب الكاريكاتوري الساخر بكل سذاجة ودون أي مبرر مما أضفى على العروض طابع الحشو. اختلطت المواضيع وتعددت في العرض الواحد. غابت الوحدة المنسجمة والعمق الذي يولد المتعة المسرحية، واعتمدت تقريبا جل العروض على الخطاب المباشر الذي يفتقد إلى شاعرية اللغة المسرحية. أن عملية السرد أثقلت الممثلين دون حدوث الفعل مما أدى إلى اختلال في مسار تطور الشخصيات على الفضاء المسرحي وإبراز المعنى داخل حركية العرض. وعد في الأخير، حبيب بوخليفة المعروف عنه نقده المتواصل بمزيد من الملاحظات خدمة للعروض القادمة. من جهته علق المسرحي منير بومرداس، بقوة على ملاحظات حبيب بوخليفة، قائلا أوافقك الطرح أستاذي، وهذا ما لاحظناه و تكلمنا عنه، والجميل أن طلبة برج الكيفان خرجوا بهذا الاستنتاج. جايب كمال يعقب مستفسرا متسائلا فيقول "هل يعلم الأستاذ أننا تجاوزنا النص؟ لم يعد هنالك كاتب مسرحي، إنتهى عهد الهدف الأسمى الموحد، فكل عرض له هدف، ولكل مخرج رؤيته، أننا في عصر اذا لم تلتزم افعل ما شئت، يوجد فقط شيء أستاذ هو أننا لا نعرف شيئا والشيئ الوحيد الذي نعرفه اننا لا نعرف شيء. أما المسرحي، وليد عبد الله، يقول معلقا تمنيت لو حجبت جائزة أحسن عرض متكامل أحسن، شاهدت جميع العروض المسرحية التي إفتقرت للعرض المسرحي المحترف الجاد فهناك هفوات شاهدناها لا تحدث حتى في العروض الهاوية، لا توجد خطة إخراجية واضحة، إدارة الممثل غائبة.