تتأثر البنية الأسرية بمشاكل كثيرة أحيانا ما تكون كبيرة وأحيانا أخرى تكون تافهة ولكنها تشكل خطورة على استقرار الأسرة، فالشجارات التي تحدث داخلها من شأنها إحداث تصدعات تؤثر في صلات الرحم وقد تصل إلى أروقة المحاكم . تنشب خلافات كثيرة داخل العائلات الجزائرية مما يخلق تجاوزات قرابية تؤدي إلى قطع صلات الرحم وتفكك العائلة الواحدة وقد تكون هذه الشجارات ناتجة عن أسباب تافهة يصنعها البعض ويضخمونها فيخلفون بذلك عواقب وخيمة تؤثر على استقرار العائلة. الانشقاقات الأسرية أفضع ما يحدث داخل الأسرة لأنها قد تأخذ أبعادا خطيرة وتودي بحياة البعض منهم، لان الشجار الذي نحن بصدد الحديث عنه ليس الشجار الذي يحدث بين أفراد العائلة بشكل طفيف وإنما ذاك الشجار العنيف الذي يتجاوز الضرب والسب والشتم والقتل في أحيان كثيرة. جحيم كان الخلاص منه الطلاق لم تكن سهام 28 سنة تعلم ان الحياة الزوجية التي تنتظرها ستكون بكل هذه القسوة، فتاة غادرت منزل والديها وهي في سن الثالثة والعشرين لتعود بعد رحلة شاقة دامت ثلاث سنوات قضتها في أجواء مظلمة داخل منزل لا يعرف معنى الحب والحنان ولا لغة حوار موجودة سوى لغة الشجار والضرب . استهلت سهام قصتها قائلة :" لقد تزوجت عن حب وتعلقت بزوجي كثيرا وقبلت العيش معه في منزل أهله، ولكن منذ الشهر الأول وأنا أعاني من عائلته المتوحشة فهم يتشاجرون معي بسبب وبدون سبب وحتى بين بعضهم البعض يتشاجرون بالسكاكين والكراسي، ما جعلني أعيش في رعب دائم حتى ابني لا يشعر بالاطمئنان، ورغم ان عمره أربع سنوات ونصف الا انه كان دائم البكاء عندما كنت في منزل زوجي السابق " وتضيف سهام:" ولكن السبب الحقيقي الذي كان الفاصل في حياتي والذي جعلني اطلب الطلاق هو أنني تعرضت للضرب المبرح من قبل أخ زوجي ووالده وكانت أثار الضرب واضحة على كل جسدي، بعدها حملت ابني وخرجت هاربة من المنزل وعندما عدت إلى منزل أهلي رفض أبي أن أعود إلى زوجي وطالبني بمقاضاته ولكنني لم أرغب بذلك، وما أحزنني هو أنني لم اطلب الطلاق بل وصلتني ورقة الطلاق من زوجي حتى انه لم يسال علي أو على الأقل على ابنه، ورغم أن الطلاق ليس حلا إلا انه في ظروفي كان هو الخلاص." أخي كاد يودي بحياتي أما "حسين" 24 سنة فقد أكد في حديثه إلينا أن الشجار العائلي شعار تعتمده عائلته فمنذ أن ولد وهو يعيش في منزل مليء بالصراخ والشجار الذي يتجاوز الحدود إلى الضرب المبرح والسب والشتم، يقول أنه في إحدى المرات تشاجر مع شقيقه الأكبر لسبب تافه جدا ولكن هذا الشجار كاد يودي بحياته فقد ضربه بقارورة زجاجية على رأسه ما جعله يفقد الوعي ليومان كاملان قضاهما في المستشفى، إضافة إلى أنهم أخاطوا الجرح الذي كان في يده وهو حتى اليوم يعاني من آلام في الرأس، كلما كان البرد قارسا أو كانت الحرارة مرتفعة جدا ورغم كل هذه النتائج السلبية لا زال حسين يعاني من الاضطرابات العائلية. أحداث لا تنسى تصل الكثير من الشجارات إلى أروقة المحاكم التي تعج بقضايا عائلية كثيرا ما تكون تافهة ولكنها تؤدي إلى نتائج وخيمة وسلبية من شانها تفكيك العائلات. تروي لنا " فتيحة" 29 سنة من حسين داي حادثة حدثت منذ أكثر من سنة واهتزت لها الأوساط الإعلامية، فقد عثرت أعوان أمنية على ثلاث جثث مذبوحة عندما قام احد الشبان بذبح امة وأخيه وكذلك أخته، لسبب ويا له من سبب تافه جعله يقدم على مثل هذا العمل الشنيع فقد رفضت والدته تزويجه فقرر معاقبتها بطريقته الوحشية. 60 بالمائة من الشجارات العائلية على رفوف المحاكم من اجل لمسة قانونية استشرنا " ك ب" محامية معتمدة لدى الدولة التي أكدت في اتصال بها أن نسبة الجنح الخاصة بالشجارات العائلية وصلت إلى 60 بالمائة، فالمحاكم تستقبل يوميا قضايا مختلفة من الشجارات سواء بين الجيران أو بين الأقارب وتصل إلى 10 قضايا في اليوم الواحد وأحيانا تتجاوز هذا العدد إلى 15 قضية.وتضيف الأستاذة أن الشكاوى بهذا الخصوص كثيرة جدا ولكن معظمها تكون لأسباب غير معقولة وتافهة كان يمكن التغاضي عنها وتجنبها من اجل الاستقرار في الحياة. نرفزة الجزائريين هي السبب أما الأخصائي الاجتماعي " علي ب" فيؤكد أن الشجار العائلي احد التوابل الذي لا تتخلى عنه العائلات الجزائرية وهو يرجع إلى النرفزة التي يتميز بها الجزائريون، ولا احد يسمح من حقوقه بالإضافة إلى حب التسلط والرغبة في السيطرة.