يظهر من الحراك الاجتماعي والسياسي المشتعل في اوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، والذي يبدو انه يريد محاكاة الربيع العربي في اسقاط الأنظمة المستبدة وارساء الديمقراطية والحريات، أن البشرية تريد اعادة تشكيل العالم، وبالتالي فان قراءة " فوكوياما " للعالم في كتابه "نهاية التاريخ "، مافتئت التطورات والوقائع تثبت انحرافها عن الحقيقة، فافلاس النظام الشيوعي وسقوط جدار برلين واندثار "الاتحاد السوفياتي " من الخريطة، لا يعني سيادة الرأسمالية على العالم وامتداد العولمة واقتصاد السوق على رقاب البشر كحتمية تاريخية ومنطق يفرض نفسه على الناس الى يوم الدين. فالعالم الحديث الذي قام على اكتناز رأس المال في أيدي عصابات الشركات المتعددة الجنسيات وكبريات المصارف العالمية، تناسى أن ذلك من صميم حقوق الانسان، وحقوق الشعوب المقهورة التي تعاني ويلات الجوع والاستنزاف المتعمد لثرواتها، وتناسى أن " العدل أساس الملك " والانظمة لن تسود ولن تعمر ان لم تعمل بالعدالة الاجتماعية، فكما ثار الفرد العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.. وغيرها من الأقطار ضد ظلم الحكام واستبدادهم، هاهو الفرد الأوروبي يكتشف الحقيقة المرة ويثور ضد الجور والفوارق الاجتماعية، ويكتشف أن سبب بلاويه هو الشركات المتعددة الجنسيات والمصارف، فالأزمة التي تضرب أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، هي التي ستؤكد للغرب وللعالم عموما زيف شعارات الرأسمالية، وستنهي النهاية التي أسس لها " فوكوياما " للتاريخ. واذا كنا نحن في الشرق نتعذب تحت سوط الاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فان الغرب اكتشف أخيرا بريقا مزيفا لحقوق الانسان والديمقراطية التي تئن تحت جنون الرأسمال، مما يوحي الى أن العالم سيسير حتما نحو اعادة تشكيل على قواعد جديدة ستنطلق من معاناة الانسان ومن مبدأ العدالة الاجتماعية، لكن من يضمن ليوم " الغضب " العالمي، ألا تعيد الرأسمالية المتوحشة التكيف مع الأوضاع لاحتواء " الثورة " لضمان بقائها؟، ومن يضمن ألا يعيد اليسار " الديماغوجي " انتاج نفسه من رماد الحرب الباردة؟، وفي جميع الحالات نبقى نحن العرب والمسلمون خارج الخشبة، فلا بديل لهذا الحراك الا المشروع الاسلامي الذي يضمن التكافل والعدل الاجتماعي ونمو الثروة، لكننا ظلمنا أنفسنا وظلمنا الغير، لأننا غرقنا في التخلف والقشور، فكيف نقدم البديل للعالم ..؟ صابربليدي