صنعت الدبلوماسية الجزائرية الحدث عربيا وإقليميا، من خلال المبادرة التي طرحتها مؤخرا من أجل حلحلة قضية سد النهضة بين دول اثيوبيا ومصر والسودان، فضلا عن مساعي لحلحلة الأزمة السياسية في تونس، مسجلة بذلة عودة قوية موازاة مع عودة لعمامرة على رأس الخارجية. ويرى أستاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 رضوان بوهيدل في تصريح للجزائر الجديدة أن الدور الجوهري الذي باتت تلعبه الجزائر في الآونة الأخيرة عن طريق دبلوماسيتها هي مجبرة على تفعيله بصورة أكثر عمقا وواقعية وليس مخيرة فيه بتاتا بحكم أن أمنها القومي، يستدعي هذا التجاوب دون أي تأخير أو مماطلة قد ينجم عنها انتكاسات أو تداعيات لا يكمن احتواؤها إذا خرجت عن السيطرة . وأشار بوهيدل، إلى أن الجزائر لا تملك خيارات عديدة، ما دفع بها إلى تشغيل عجلة ديبلوماسيتها لسد الفراغ الموجود على المستوى الإفريقي، هذا الذي تثبته جولة وزير الخارجية رمطان لعمامرة مؤخرا في شتى الاتجاهات، خصوصا على مستوى دول القرن الافريقي، حيث أجمع العديد من الملاحظين والخبراء أنها كانت ناجحة نسبيا رغم التحفظات من البعض الذي اعتبرها شكلية هدفها التنسيق والتحضير للقمة العربية المرتقبة في الجزائر. وأضاف بوهيدل أن تحركات الدبلوماسية الجزائرية مؤخرا كانت بغرض تعويض التقهقر في العلاقات على مستوى البعد المغاربي أو العربي، مع التركيز على العمق الإفريقي بحيث تحاول الجزائر أن تسترجع مكانتها وتضع موطئ قدم لها في هذه القارة التي تحمل آفاق اقتصادية واعدة، ما جعل منها محل أطماع وتنافس من القوى العظمى، غير أن هذا التنافس سرعان ما تراجع نظير وجود مستويات وتوجهات أخرى من الصراع العالمي دفع بها إلى التغاضي أو تناسي الملف الإفريقي، هذا الذي انتبهت له الجزائر لتحاول تكريس هذه الثغرة لصالحها عوض البقاء مكتوفة الأيدي آو مراقبة ما يحدث في القارة الإفريقية، وهو ما حدث بالفعل بدليل زيارة الوفد الأمريكي للجزائر منذ فترة ليست بالبعيدة، ما يدعم فرضية أن الجزائر أضحت رقم صعب في معادلة المنطقة وإفريقيا عموما، يراهن عليها في إحلال السلم والأمن في هذه القارة وفي مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعديد من الملفات الاخرى.. وأضاف بوهيدل أن هذا الدور الريادي للدبلوماسية الجزائرية المتسم بالكفاءة والموضوعية في الطرح نظير الاستشراف الجيد في قراءة الواقع جعل منها محل ثقة لحلحلة العديد من الملفات الشائكة والعالقة في القارة الإفريقية خصوصا على مستوى دول القرن الإفريقي إلى غاية دول الساحل التي باتت تطلب وساطة الجزائر من اجل التدخل لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، كان أخرها طلب اثيوبيا وساطة الجزائر في حل ملف أزمة سد النهضة المتنازع عليه من طرف مصر والسودان واثيوبيا، حيث حملت زيارة لعمامرة إلى هذه الدول بوادر ومؤشرات آمل عن قرب انتهاء هذه الأزمة أو على الأقل دفعت بتغليب منطق الحكمة والعقل عوض المواجهة العسكرية التي قد تدفع بأمن المنطقة وافريقيا إلى الهاوية .