الأمر ليس جديدا، فمنذ سنوات عدة وبعد ازدهار استخدام وسائط التواصل الاجتماعي ظهرت معه عدة ظواهر تدعوا للسخرية أكثر منها إلى الغرابة، وظهور عادة اختيار شخصية العام واحدة منها، أما الجانب الغريب فيها، هو إعلان عن حوالي ثلاثمائة وتسعين شخصية كلهم نالوا لقب شخصية العام أو على الأقل من مائة شخصية لسنة ألفين وواحد وعشرين.. دأبت على هكذا احتفائية إن صح التعبير كبريات المجلات المعترف بها عالميا ولها وزن ثقيل ومصداقية نوعا ما على الأقل في بلدانها، وتتخذ لذلك دراسات وبحوث ومعايير لانتقاء الكفؤ أو الذي يستحق اللقب فعلا، وتقسمها إلى أبواب، كأن يكون الشخص المختار في مجال الثقافة أو الأدب أو الفن أو الرياضة أو السياسة أو العلوم، وبطبيعة الحال يكون قد قدم المترشح للقب فعلا أو نجاحا أو فكرة أو عملا مميزا سواء على الصعيد المحلي أو الدولي حسب نوعية المعيار المتخذ. في الجزائر، البلد المنكوب في نخبته، أو النخبة النكبة التي تساهم بشكل كبير في بؤسه، تتطاير هنا وهناك الكثير من السبر للآراء في غالب الأحيان لا يعرف أصلا من منظمها، وغالبا ما تكون مبادرات فردية ومعزولة من طرف صفحات فيسبوكية يجهل أيضا أصحابها، يضعون أسماء لا تعرف أصلا من اقترحها، وما فعلته حتى ترشح نفسها، وقد نجد الكثير من البسطاء يزلزلون مواقع التواصل بمحتوياتهم وأفكارهم ولا أحد يهتم لهم، إلى هنا الأمر يدعو إلى القرف، فما بالك لو وجدت أن عدد المصوتين لا يتجاوز في العادة العشرون مصوتا، كيف لعشرين صوت بأن يجعل من شخص هو شخصية العام؟؟ راسك يبلوكي مولاي..على حد تعبير بلاحة بوزيان الفنان الراحل الذي لعب دور النوري في السلسلة الفكاهية الشهيرة عاشور العاشر. والأكثر بؤسا، وجلبة للسخرية والبكاء، أو ضحك يشبه البكاء، أن المتوج تمنح له شهادة فوطوشوبية إن صح التعبير ويا ليتها كانت ورقية، وينشرها صاحبها بكل فخر والأدهى أنه يتلقى من خلالها التبريكات والتهاني على أنه إنجاز ضخم.. ولأن الفوطوشوب هو الشخصية الأبرز، والطريقة الأسهل والمجانية لصناعة هذه الشهائد، راح الجميع يتفنن فيها وتجد عليها أختام وتوقيعات لكبريات الجامعات الدولية المعروفة بسمعتها في مختلف الأبحاث والدراسات، وتهان بشكل مريع في الجزائر وتجد ختمها وضع على شهادة فقط لأن صاحبها كان ينشر على صفحته الفيسبوكية زواج فلان وطلاق فلانة، وآخر منشوراته لا تحيد عن نشر الورد أو أذكار الصباح والمساء في أحسن الأحوال.. وبلغ التطاول أشده، لما راحت إحداهن ونشرت شهادة نوبل لصالحها وقطعت كل كلام بعده، ولا منافس لها مادامت نوبل، وشتتت البقية وتبريكاتهم.. بما أن الفوطوشوب هو من صنع هؤلاء، فأنا أرشحه الشخصية الأبرز للسنة الماضية والسنة الحاضرة وما يأتي من سنين قادمات..