لم يعد للمواطنين الجزائريين في هذه الأيام و نحن على مقربة من عيد الأضحى المبارك سيرة شاغلة إلا الحديث عن أسعار الكباش و كيفية اقتناء أضحية للعيد في ظروف مماثلة، فقد ارتفع سعر الكباش ارتفاعا جنونيا أذهل المواطنين ، بطريقة جعلتهم يعبّرون عن استيائهم و تذمرهم من الزيادة اللاعقلانية في الأسعار بطابع هزلي، يملؤه الحس بالسخرية عبر الموقع الاجتماعي "الفيسبوك" ، كاريكاتور هزلي ترى فيه صورة أضحية العيد تتحدث عن نفسها قائلة "كبش العيد ب 5 ملايين سنتيم .. متحصل على ماجستير و يبعبع أربع لغات"، و أخرى تظهر صورة مواطن بسيط ، عجز عن تسديد قيمة الكبش التي فاقت ثلاث ملايين سنتيم، ليرد الخروف بدل صاحبه على الشاري مستهزئا " أعطيه الهيدروة " ، هي بالفعل أسعار مجنونة لخرفان بحجم القطط إن أجيز التعبير عنها ، حيث وصل سعر الخروف إلى 3 ملايين سنتيم ، فيما بلغت قيمة بعض الكباش 7 ملايين سنتيم ، بل أن منها من حطّم رقما قياسيا و بلغت قيمته 21 مليون سنتيم ، فهل نحن بصدد التضحية و تأدية السنة النبوية أم نحن مجبرين على دفع الديّة . كلما اقترب موسم من المواسم الدينية، يبدأ المواطن الجزائري بالتفكير فيما سيحل به و بميزانيته التي تعد على أطراف الأصابع، بما يكفيه لسد قوت عائلته، في ظل الزيادة التي تصل إلى السقف . موّالون يتحججون .. قلة الأمطار وراء ارتفاع سعر الأضحية شهدت أسعار الكباش ارتفاعا رهيبا مع اقتراب عيد الأضحى، خصوصا بالمناطق السهبية و الهضاب ، هذا ما أدهش أغلب العائلات حول كيفية تدبّر أمورهم ، خصوصا لأصحاب الميزانية البسيطة و أصحاب الدخل المتوسط، و التي تكاد أن تكون بنفس أو أقل قيمة من سعر الخروف لدى الكثيرين ، و أرجع التجار و الموالون أسباب الارتفاع المذهل للأسعار مقارنة مع الأيام القليلة السابقة، و الذي تجاوز حدود المائة و العشرين بالمائة، و وصل إلى خمسة و سبعة ملايين بالنسبة للكباش و بين مليونين و نصف و ثلاثة ملايين بالنسبة إلى الخرفان، إلى كميات الأمطار القليلة المتساقطة في الآونة الأخيرة بالولايات المشهورة بتربية المواشي ، و بالتالي قلة العلف و النخالة و ارتفاع أسعارها ، حيث تراوح سعر القنطار الواحد من الشعير و النخالة ما بين 2300 و ثلاثة آلاف دينار جزائري ، و بالنسبة للتبن ما بين 500 و ألف دينار، بالإضافة إلى المرض الذي أصاب بعض رؤوس الماشية و ارتفاع أسعار الأدوية . تجار يبرؤون ذممهم من الأسعار اللامعقولة في جولة قادتنا عبر بعض نقاط البيع بالعاصمة، أوضح لنا بعض تجار الأغنام أن الأسعار الحالية معقولة مقارنة بالأتعاب التي قاموا بها ، وبالسعر الذي باعهم إياهم الموالين، حيث أرجعوا السبب الرئيسي إلى تهريب الكباش من الجزائر إلى دول عربية كتونس و ليبيا، و بالتالي فقلة الكباش تجعل المواطن ذو الدخل المحدود، الضحية الوحيدة لتنفيره من تطبيق السنة التي تجعله يفرح عائلته و يدخل البهجة إلى قلبها، و أكدوا لنا فيما تعلق بإقبال الشعب لاقتناء أضحية العيد ، كلّ حسب مقدوره الشرائي من أجل عائلاتهم و أطفالهم و الأجر الذي سيكسبونه، رغم صعوبة الأوضاع المالية لديهم، و اعترف بعض التجار بالقول أن الأسعار باهظة و لكن ليس بيدهم حيلة ، و تحدث أحدهم عن بيع كبش بسعر 21 مليون سنتيم ، يرجح استعماله في حلبات المصارعة التي يستظهر فيها ناقصو العقل قدرات أضحيتهم و يتابهون بها بعيدا عن أصلها المتعلق بتطبيق السنة ، و يبقى اتفاق التجار على سعر واحد و مكان أو سوق لبيع الكباش من شأنه أن يضع حدا للمضاربة في الأسعار. العائلات بين خيارين لا ثالث لهما.. الدين أو العزوف اقتربنا من بعض المواطنين فعبروا عن أسفهم و حيرتهم لغلاء الكباش الجنوني ، حيث قال أحدهم " كبش قد القط تلقاه بسعر البقرة "، و هناك آخرون قرروا أن يعزفوا عن شراء أضحية للعيد لعدم مقدرتهم على أسعار الكباش، و أنهم انتظروا انخفاض الأسعار كالسنوات الماضية ، هذا ما يجعلهم ينتظرون الأيام الأخيرة قبل حلول عيد الأضحى، و هناك آخرون ممن اضطروا إلى التدين من أجل إرضاء عائلاتهم و العمل بالسنة الشريفة ، حيث قال أحد المواطنين معبّرا بحيرة تامة " أنا متزوج عندي ولد و مدخولي 15000دج ، كيفاش نشري كبش"، مؤكدين أن كبش السنة الماضية بسعر لا يتجاوز 20000 دج ، كان أحسن جودة و حجما من كبش بضعف الثمن لهذه السنة، و في نف السياق أرجع المواطنين سبب التلاعب بالأسعار إلى إهمال السلطات المعنية ، حيث قالت مواطنة " وعلاش ما تجيبلناش الدولة الكباش و تبيعهوملنا ؟؟ " ، كما أعرب العديد من المواطنين عن قرارهم المتعلق بالعزوف عن شراء أضحية للعيد هذه السنة . تعليقات سخرية تطبق المثل الشعبي "همّ يضحك و هم يبكي" عند دخولنا للموقع الاجتماعي "الفيسبوك" وجدنا كاريكاتيرات معبّرة في هيئة هزلية بشأن الغلاء المذهل و صغر حجم الكبش في آن واحد، مما يبين عدم توفر الجودة في الأسعار المنخفضة قليلا، فعندما يسأل المشتري البائع "عندكم الكباش تاع 2 ملاين " يجيبه قائلا :" تأكله هنا و لا تديه في صاشي"، و في كاريكاتير آخر يتجلى لنا أيضا مدى نفور المشتري من الزيادة الملتهبة ، حيث يقول المشتري "عندي ثلاثة ملايين" و التاجر يرد ضاحكا، و يرد الكبش : " أعطيه الهيدورة ". نسرين صاولي