التمرّد على قواعد الأصول الشرعية للرابطة الزوجية ، من أبرز الظواهر التي أصبحت تسري في كيان الأسرة الجزائرية في الأعوام الأخيرة ، وبصفة خاصة عندما يتعلق الأمر بالإهمال العائلي من قبل الزوج الذي يستغل الفرص ليبرّر تقصير الزوجة في واجباتها اتجاهه ، وبالتالي وجب تركها عند أهلها لأنها لم تعد تعنيه وكأن الأمر غاية في البساطة ، حتى و إن تعلق الأمر بأقوى الروابط المتمثلة في الأطفال، لتدفع الزوجة ثمن ذنب لم تقترفه بحق الزوج ولا تعرف حتى أسبابه ، وتعيش المعاناة الحقيقية بعد أن يصبح مصيرها بين أيدي الزوج الذي يخيّل إليها أنه سرعان ما يعود إلى وضعه الطبيعي ليتذكر أن له زوجة وأبناء ، يتوجب عليه تحمّل كامل مسؤولياته نحوهم ، لكن الصدمة الحقيقية أن ذلك الحلم سرعان ما ينطفئ عندما يعلن الزوج صراحة وأمام الملأ بأنه لم يعد بحاجة إلى تلك الزوجة ، متجاوزا كل المحاولات التي تبذل هنا وهناك . و تعبّر قضايا الإهمال العائلي المطروحة أمام المحاكم اليوم، عن الواقع الرهيب الذي تعيشه الكثير من العائلات جراء ويلات الإهمال الذي تلقاه، سواء من الزوج أو الزوجة وما يفقده كل طرف من حقوق . برزت قضايا الإهمال العائلي على الساحة القانونية بعد أن ظل الغموض يكتنفها لسنوات طويلة، ففي الكثير من الحالات يتنازل ضحايا الإهمال عن حقهم في المتابعة القضائية ملتزمين بعادات المجتمع الجزائري وخوفا من فك الرابطة الزوجية بصفة نهائية بعد طرح القضية أمام المحاكم. وتنص المادة 330 على معاقبة كل من أهمل عائلته لمدة تفوق الشهرين ولم ينفق عليها، حيث يعتبر الحقوقيون أن الزوج أو الزوجة ضحايا الإهمال العائلي معرضون لفقدان حقوقهم فيما يتعلق الحقوق الزوجية التي تحددها الشريعة الإسلامية. وحسب بعض القانونيين فإن قضايا الإهمال الأسري يستعملها بعض المواطنين كذريعة للحصول على الطلاق بعد تمسك بعض الأطراف بالرابطة الزوجية، لذا أقر المشرع الجزائري بوجوب إثبات حالات الإهمال العائلي عن طريق معاينة المحضر القضائي وتحريره لمحضر رسمي ومن ثمّ يستطيع الضحية تقديم شكوى أمام وكيل الجمهورية وتقديم شهود يؤكدون الحالة أو ينفونها ثم المطالبة بالتعويض عن الضرر في مدة محددة وليس بعد مرور سنوات على حالة الإهمال. الإهمال العائلي يكون من الزوجة كما من الزوج قضايا الإهمال العائلي لا تكون بتقصير الأب فقط إذ يمكن أن يكون الإهمال من طرف الأم فكثيرة هي القضايا التي دخلت أروقة المحاكم بسبب هجر الزوجة للبيت تاركة أولادها مع أبيهم بسبب خلافات عائلية ، وكثيرا ما تكون في هذا النوع من القضايا الزوجة أجنبية، يوضح في هذا الشأن الحقوقي" م خ" أن القانون ينص أن التخلي عن كافة أو بعض الالتزامات الزوجية التي تقع على كل من الأب والأم تجاه الزوج أو الأبناء وبذلك تقتضي جنحة الإهمال العائلي بالنسبة للأب كونه صاحب السلطة الأبوية في التخلي عن التزاماته في ممارسة ما يفرضه عليه القانون مع أولاده وزوجته وتقتضي نفس الجنحة مع الأم كونها صاحبة الوصاية القانونية على الأولاد عند وفاة الأب، فالمادة 78 من قانون الأسرة تنص أن الرعاية وحماية الأسرة تشمل التعليم، التربية، السهر على الحماية وحفظ الصحة، إضافة إلى ضمان حاجياتهم المعيشية التي تشمل الغذاء، اللباس ، العلاج والسكن أو أجرته، وما يعتبر من الضروريات ووفقا للعادة والعرف، ولكن هناك العديد من الحالات، أين ترفع الزوجة دعوى ترك المنزل العائلي على الزوج ولكن لا تقوم الجنحة بحقه خاصة إذا لم يتوقف عن النفقة، ومن بين قضايا الإهمال العائلي التي عالجتها محكمة بئر مراد رايس قضية شرطي، رب عائلة، تخلى عن واجباته العائلية تجاه زوجته وابنته لمدة تفوق 7 سنوات مباشرة بعد سفره إلى فرنسا، كما واصل تخليه عن العائلة حتى بعد تسوية وضعيته بفرنسا وزيارة للجزائر لأكثر من مناسبة وخلال عودته إلى الجزائر تم القبض عليه بمطار هواري بومدين بعد صدور حكم غيابي يدينه بتهمة الإهمال العائلي، حيث تم تحويله إلى المحاكمة التي أراد فيها التنصل من المسؤولية، معتبرا أن سنوات العشرية السوداء جعلته يهرب من تهديدات الإرهابيين ومنذ ذلك التاريخ وأحواله تسوء ولم يستطع الرجوع إلى حضن عائلته و بعد صدور حكم يؤكد إهماله لعائلته، رفعت الزوجة ضده قضية للحصول على الطلاق، وبعدها تراجع عن تصريحاته مطالبا إياها بالرجوع إلى بيت الزوجية وهكذا عادت العلاقة الزوجية إلى مجراها الطبيعي، كما عالجت ذات المحكمة قضية إمرأة في الأربعينات من عمرها غادرت منزل الزوجية وذهبي للإقامة عند أهلها وعندما مثلت أمام المحكمة صرحت أن ظروفها المعيشية صعبة مبررة ذلك "بالحقرة "التي تتعرض لها من طرف أهل زوجها والتي دفعتها حسبها للهروب بعيدا تاركة وراءها زوجا وبنتا دون رعاية واقرت عن ندمها عن جرمها وبعد تنازل الزوج عن الشكوى عادت لحضن عائلتها الصغيرة الأركان المثبتة لجنحة الإهمال العائلي قضايا الإهمال العائلي حسب بعض الحقوقيين لها أنواع صنفها القانون في مجالات وهي ترك مقر العائلة، إهمال الزوجة الحامل، الإهمال المادي والمعنوي للأطفال وعدم تسديد النفقة التي تعتبر من أبرز القضايا المتداولة حاليا في المحاكم وعن قضايا ترك البيت الزوجي والتي فصلت فيها المادة 330 من قانون العقوبات ففي حال تخلي أحد الوالدين عن مقر الزوجية لمدة تتجاوز الشهرين دون أداء الالتزامات المادية المترتبة على السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية بسبب غير جدي فهي جريمة يعاقب عليها القانون. ترك المرأة لبيت الزوجية يسقط تهمة الإهمال عن الزوج ما لا تدركه الكثير من النساء أنه في حالة ترك الزوجة لبيت الزوجية وانتقالها للعيش رفقة أبنائها في بيت أهلها وبقاء المنزل الزوجي فارغا فهنا لا تقوم تهمة ترك المنزل الزوجي على الزوج في حال أثبت أن الزوجة قد تركت البيت فعلا يقول المحامي: "هناك قضايا استطاع فيها الزوج أن يتثبت أن الزوجة قد غادرت البيت الزوجي وبالتالي تصبح تهمة ترك المحل العائلي المرفوعة ضده غير ثابتة في حقه". هذا وكفل القانون حماية للمرأة الحامل بالنظر إلى خطورة هذا الإهمال على نفسية الأم من جهة وصحة الجنين من جهة أخرى إذ يعاقب كل من تخلى عمدا ولمدة تزيد عن الشهرين مع علمه أنها حامل بالحبس ستة أشهر وبغرامة مالية من 500 إلى 5000 دينار ويشير المتحدث في هذه النقطة تحديدا أن الجريمة لا تقوم بالزواج العرفي لعدم وجود قيام العلاقة الزوجية. عدم تسديد النفقة أكثر قضايا الإهمال تداولا في المحاكم عدم تسديد النفقة تكون عقوبتها السجن من ستة إلى ثلاثة أشهر و غرامة مالية من 500 إلى 5000 دينار ، كلما امتنع عمدا عن تقديم النفقة ولمدة تتجاوز الشهرين ، و يبقى على الزوجة إثبات مدة شهرين من عدم أداء الالتزامات العائلية ، فعادة ما تقع الكثير من النساء في إشكالية حساب الشهرين ، والتي يقول بشأنها أصحاب القانون أنها تحسب من تاريخ ترك المقر الزوجي والتخلي عن الالتزامات العائلية إلى تاريخ تقديم الشكوى، وهنا يقع على عاتق الزوجة إثبات مرور مدة شهرين من تركه للبيت وإثبات تخليه عن الالتزامات العائلية، وعن مدى إمكان انقطاع مدة شهرين بعودة الزوج مرة أخرى إلى البيت، فمدة الشهرين المحددة قانونيا يمكن أن تقتطع في حال عودته إلى مقر الأسرة ويبقى للقاضي سلطة التقدير ما إذا كان رجوع ذلك الزوج فعليا أم مؤقتا. المشرّع ضمن الحماية القانونية من الإهمال العائلي حرص المشرع الجزائري على إقرار أحكام لحماية الأسرة من أي فعل يمكن أن يمس بكيانها واستقرارها، حيث استفادت من الحماية القانونية كونها اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع فقانون الأسرة والحالة المدنية كانا قد قدما قواعد لتنظيم وبناء الأسرة، حيث تتجلى في العموم في احترام كافة حقوق أفرادها ومعاقبة كل من يتعدى أو يخل بما عليه من واجبات، وبناء عليه صنف الإهمال العائلي من الجرائم التي يمكن أن تسلط على الأسرة وعن مدى نجاعة هذه القوانين والأحكام في حماية الأسرة من الإهمال العائلي أكد أحد المحامين أن الهدف الأساسي من تلك النصوص القانونية هو تكريس الحقوق والواجبات داخل الأسرة وقد تضمنتها المواد 330، 331، 332 من قانون العقوبات، وحسب رأيه فقد تمكنت من ذلك رغم وجود بعض التعطيلات التي لا تكون في صالح الطرف المتضرر ومنها أن المرأة لا تستطيع رفع الدعوى قبل شهرين من الإهمال إضافة إلى التكاليف التي يمكن أن تدفعها لكي تحصل على تعويضات مادية, كما يجب عليها انتظار آجال التسديد علاوة على طول مدة الإجراءات، وفي حال عدم التسديد ترفع شكوى يتم بناء عليها استدعاء المتهم وإن امتنع عن ذلك قد يصدر في حقه حكم بالسجن دون أن تأخذ هي دينارا واحدا. سارة .ب