كتاب وضعه مؤلفه لتحليل ظاهرة توظيف التراث في النصوص المسرحية الجزائرية، بدايتها كانت من أعمال ولد عبد الرحمان كاكي و عبد القادر علولة، يفسر أيضا ظاهرة الحضور القوي للتراث بمختلف تجلياته في أعمال المسرحي الجزائري، و التي من خلاله يريد المسرحي تحقيق أهدافه الفنية، السياسية، و الاجتماعية. الناقد المسرحي أحسن تليلاني و عبر كتابه الجديد الذي يحمل عنوان "دراسات تطبيقية في الجذور التراثية و تطور المجتمع" و الصادر مؤخرا عن دار التنوير، حول أن يكشف الصلة بين الماضي والحاضر من خلال التواصل مع التراث الذي يحقق للأمة و جودها الفاعل، و ذكر الدكتور تليلاني في مقدمة كتابه " لقد تتبعت مسيرة المسرح الجزائري، ولعلني كنت واحدا من المنخرطين في تلك المسيرة تمثيلا وإخراجا وتأليفا ونقدا، ومن وحي احتكاكي القريب بالحركة المسرحية الجزائرية سواء في جناحها الهاوي مثل المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم، أم جناحها المحترف على غرار المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالعاصمة، ومشاركتي في عديد الملتقيات المسرحية ،و التي سمحت لي بالتعرف على الكثير من رموز المسرح الجزائري وأعلامه الكبار، فإنني - من وحي كل ذلك - قد لاحظت ظاهرة الحضور القوي للتراث بمختلف تجلياته في عموم الإنتاج المسرحي الجزائري، حتى إنني يمكن أن أزعم بأن المسرح هو أكثر الأشكال الفنية حملا للتراث واحتضانا وتوظيفا له". تناول الدكتور تليلاني في فصول الخمسة لكتابه و في مباحثه مباحث مسألة توظيف التراث في المسرح الجزائري، فحاول الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بصور حضوره، وبدوره في التعبير عن الواقع الجزائري المعيش، وذلك من أجل تقييم مدى وعي المسرحي الجزائري بمعطيات العناصر التراثية المستلهمة، ومدى وعيه بالواقع المعيش الذي يحاول إعادة إنتاجه من خلال العناصر التراثية المستلهمة في المنتج الإبداعي، كما حاول تقديم دراسة الطاقات التعبيرية والجمالية التي حققها توظيف التراث في المسرح الجزائري وخاصة في الجانب المتعلق بتوظيف الأشكال التراثية مثل القوال والحلقة. و قد عمد الكاتب إلى إبراز ارتباط المسرح الجزائري بالتراث، منذ نشأته مرورا بمختلف مراحل تطوره، و الذي توفر من خلاله مادة دسمة وجدها المسرحي في تحقيق أهدافه و غاياته. كما حاول المؤلف من خلال كتابه دراسة أكثر من عشر مسرحيات جزائرية، وهي المسرحيات التي شكلت بالنسبة له مصادر الكتاب، لكونها الأكثر استحضارا للتراث وتوظيفا له ، حيث عمد إلى تصنيفها بمعاينة طبيعة المادة التراثية الأكثر حضورا فيها، ثم قسم هذا الحضور إلى تراث تاريخي ناقش فيه أهداف توظيف التاريخ في المسرح الجزائري، كما شملت دراسات الكاتب مسألة توظيف البعد الديني في المسرح الجزائري، و أشكال التعبير المسرحي في التراث الشعبي الجزائري متوقفا عند تجربة عبد القادر علولة في توظيفه لشكل القوال، وذلك من خلال دراسته لمسرحيته " الأجواد " . للإشارة، الدكتور أحسن تليلاني هو من أبرز الكتّاب والنقاد الذين تخصصوا في المسرح، له العديد من النصوص المسرحية التي عرضت في مسارح جزائرية مختلفة منها "الثعلبة والقبعات"، و "زيتونة المنتهى" وغيرها من النصوص، بالإضافة إلى دراسات أكاديمية قدمها خلال مشاركته بملتقيات داخل و خارج الوطن، هذا إلى جانب مؤلفاته و التي نذكر منها "المسرح الجزائري والثورة التحريرية" وهو عبارة عن دراسة فنية تاريخية، و "مختارات من المسرح الجزائري الجديد" وهو عبارة عن كتاب لمجموعة من المؤلفين ترجمه تليلاني إلى العربية، بالإضافة إلى كتابه الأخير "المسرح الجزائري". نسرين أحمد زواوي