يعتبر يوم الجمعة بالنسبة للجزائريين على غرار غيرهم من الأمة الإسلامية يوما مقدسا، فهو بغض النظر عن كونه عيدا للأمة الإسلامية يجتمع فيه شملهم، فيستمعون لخطبة الجمعة المشتملة على جملة من التعاليم الدينية المستنبطة الآيات و الأحاديث النبوية، و بعض الحكم للصحابة وشيوخ الإسلام العظام و نصائح قيمة يوجهها لهم الإمام، فهل لخطبة الجمعة دور في الإصلاح الاجتماعي؟ وفيما يكمن هذا الدور ؟ محمد بن حاحة تظفر الجمعة بمكانة عظيمة لدى المسلمين، إذ جعلها الله تعالى من أعظم أيام السنة و عيدا للمسلمين كافة وخصها بساعة خفية، تقبل فيها الدعوات و تستجاب ما لم تكن حراما، و سميت سورة كاملة باسم هذا اليوم. و من بين خصائص يوم الجمعة أن جعلت فيه خطبة يخطب فيها الإمام بين المصلين ، ليبين لهم أمور دينهم و يصحح لهم بعض السلوكيات في دنياهم، و من أجل معرفة أهمية يوم الجمعة و خطبة الجمعة بالأخص، في حياة الجزائريين، استفسرت "الجزائرالجديدة" بعض المواطنين حول هذا الموضوع، فتعددت إجاباتهم . "وليد"، 24 سنة، جامعي يقول أن" الجزائريين يقدسون يوم الجمعة ، إذ يتطهرون فيه و يلبسون أفضل الثياب و أنصعها بياضا ، و يتطيبون ثم يذهبون إلى المسجد فينصتون إلى الخطبة صغارا و كبارا ، و حتى النساء يذهبن ، و ما ألاحظه بعد خروجي من خطبة الجمعة أنه في كل مرة تجد المصلين بعد عودتهم يتناقشون حول الخطبة، كمحاولة لمراجعة النفس و تعديل نمط الحياة ، وفق هدي الشريعة الإسلامية ". و أما "حمزة"، 26 سنة، تاجر، فيقول" أنا أصلي الجمعة بنفس المسجد منذ صغري ، حيث يبقى للإمام أسلوبه في التعامل ، إذ أنه يعرف كل سكان منطقتنا، فإذا علم أن أحدهم محتاج ، طلب له إعانات من سكان الحي أو ربطه بأحد المحسنين، و إن تفشت إحدى الآفات بين الشباب كالمخدرات أو السرقة أو الزنا تحدث عنها ، و خاطب شباب الحي ، فهكذا نحس نحن و كأنه يحدّث كلا منّا على انفراد، و يعاتبنا فنصلح ما فينا من سلوك ". فيما يرى، "محمد، 27 سنة، مترجم، أن "معظم الخطب اليوم لم تعد تحدث الناس عن أهم ما يشغل حياتهم من معاملات و مشاغل و سلوكيات ، والتي اتسع لها ديننا الصالح لكل زمان ومكان ، لكن العلم بها بقي حبيس طبقة الأئمة و العلماء، فمثلا فيما يتعلق بالمعاملات التجارية، فإن كل الناس على علم بحرمة الربا و الرشوة ، لكن هذه الآفات لا تزال منتشرة في مجتمعنا، وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم الناس يجهلون المعاملات التجارية المباحة و المحرّمة، مع أن كلهم يمارسونها يوميا، و أضيف مثالا آخر، و هو أن كل الخطب تتحدث عن العفة و الحجاب و ستر المرأة لجسدها ، غير أن ظاهرة العري تزداد اليوم تلو الآخر ، و حتى بعض المحجبات صرن يخلطن بين اللباسين، الشرعي و المكشوف، و هذا دليل على ضعف الخطاب الديني". ومن هنا يتبين أن للجمعة أهمية بالغة في تقويم المجتمع، إذ أنها تساهم في توحيده و توطيد العلاقات بين أفراده، إذ فرضت فيها الصلاة جماعة، كما ورد في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال "إن هذا اليوم عيد جعله الله للمسلمين" ، و من أهم مقاصدها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، كأنجع وسيلة لإصلاح المجتمع وتقويم سلوك أفراده. الجمعة .. يوم يعلم المسلمين كافة العيش بروح الوحدة والجماعة ، و ينبذ روح الإنفراد و الفرقة والأنانية ، مصداقا لقوله تعالى "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، و تحثهم على تطبيق أمر الله في قوله "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، فما أحوج الجزائريين اليوم إلى نظرة جديدة و فهم جديد لمقاصد الجمعة، كي لا تبقى مجرّد صلاة تعوّد الناس الذهاب إليها في يوم لا يعملون فيه ، و تصبح صلاتهم و خطب جمعهم روتينا يتكرر كل أسبوع، و هذا الأمر يقع على عاتق الخطباء و الأئمة، وذلك باختيار الموضوعات التي تشغل هموم الناس وتعالج مشاكلهم، وترسم لهم الطريق، وتربطهم بإخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها، وهنا ستحقق مقاصد الجمعة في توحيد المجتمع و إصلاحه .