و كأنه أخذ ميثاقا على نفسه غليظا أن يقبل كل سنة ليستفز الحياة و يستنهضها , بعد أن بددها الشتاء و واراها تحت أكوام القش . يناديها بأغانيه التي تطرب لها كل الخلائق , ليفترش النضارة و الخضرة و لتكشف أزهاره عن مباسم و ثغور من كل الألوان و الأشكال تتصيد الندى لتنظم من ذراته تيجانا تباهي بها المروج البعيدة. و كأنه لا يطيب له بال حتى يبعث من تلك الأزهار و الرياحين كما الفل و الياسمين شذى و عطرا يبحث في سراديب القلوب عن الذكريات الحبيسة فيطلقها , و عن الآمال المظلمة لينيرها بألوان الربيع , و عن الآهات الصماء ليحولها إلى أناشيد سماوية . و كأنه يغالب البشر بالحياة حين يطلبون الموت , و بالأمل حين يذعنون لليأس , و بالنور حين يقيمون للظلام سلطانا . و كأنه ينادينا في كل حين بأن اليسر في قلب كل عسر , وبأن الأمل في رحم كل حزن , وبأن الفرج يتبع كل شدة , و بأن الربيع في حنايا كل شتاء .................. فما أجملك يا ربيع.. بقلم: بهماني سليمان