"التعفن السياسي ولعنة الكرسي'' هو عنوان أحدث كتاب صدر للإعلامي والكاتب والسياسي محمد بوعزارة ، ضمن منشورات دار الأمة، وهو عمل جمع فيه مقالاته التحليلية التي سبق له و أن نشرها في مختلف وسائل الإعلام الوطنية و العربية على امتداد ثلاثة سنوات مضت. تضمن هذا الإصدار الذي يقع في ثلاث مائة صفحة من القطع المتوسط، خمسون مقالا يختلفون في الموضوع و الطرح، فمنها مقالات تحليلية ترصد الحياة الاجتماعية التي تطبع يوميات المواطن الجزائري و العربي بصفة عامة و منها مقالات تتعلق بتحليل القضايا التي تشهدها الساحة السياسية و الاقتصادية في الوقت الراهن، و على العموم فإن الكاتب محمد بوعزارة حاول من خلال مؤلفه حسب ما جاء في تقديمه له رصد تأثير كرسي المسؤولية على من يعتليه، حيث قال "...يضم الكتاب مجموعة من المقالات رصدت فيها ظاهرة التعفن الذي أصيبت به الساحة السياسية حيث أصبح المال و الفاسد و شراء الذمم و أبعاد الكفاءات من جل الأحزاب خصوصا الكبرى واحدا من اكبر العناصر المفعلة للتعفن الذي أصبح يطبع الحياة السياسية" مضيفا " حيث باتت بعض العناصر الرديئة التي لا تحوز الأفكار و لا تمتلك القناعات هي المهيمنة على مصادر قرار هذه الأحزاب"، و من جهته يرى المؤرخ و الدكتور العربي الزبيري الذي عمل على تقديم هذا العمل، أن خبرة الكاتب في مجال الإعلام و السياسية باعتباره تقلد العديد من المناصب السياسية ساعدته في تقديم كتاباته بهذا المستوى من التحليل و الدقة و أنها تحمل في مضمنيها مفاهيم يراد من خلالها استنطاق الواقع الذي يطبع اللعبة السياسية في الوطن العربي بصفة عامة، و قد اعتمد في ذلك يضيف الزبيرى على ثروته الفكرية و الثقافية التي اكتسبها بممارسته لمختلف الأنشطة الإعلامية سواء كانت المسموعة أو المكتوبة، بالإضافة إلى حنكته السياسية التي اكتسبها بممارسته لنشاط السياسي، و قد استوقف الزبيري بهذا الصدد عند محاضرة تحمل عنوان "الإصلاحات السياسية كحتمية لبناء الديمقراطية في الجزائر"، الذي اعتبرها دليلا قاطعا على قوة هذا الرجل في تعاطي مع القيم التاريخية و الدينية التي استطاع توظيفها لتحليل معنى الإصلاح السياسي الذي تنادي به معظم الدول لينتقل بعدها إلى انتقاد السياسة و مخططات الأمريكية الامبريالية التي كانت تخص بها منطقة الشرق الأوسط، ليصل بذلك إلي الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية و التي اعتبارها من أهم الإصلاحات التي شهدها العالم عبر التاريخ، و من المقالات التي تضمنها الكتاب أيضا نجد مقال يحمل عنوان "الوهم التلفزيوني" و الذي خلص فيه إلى أن تسير قطاع الإعلام في الجزائر لا يعتمد على قوانين حكومة مضبوطة، و لا يعتمد على الكفاءات و الخبرة الإعلامية، بل يسير و فق معيار يتيم و هو "معيار الولاء و الجري وراء المصلحة الخاصة" و هذا ما يفسر حسبه الرداءة و الفاسد الذي أصبح يعرفها هذا القطاع . "حتى لا تضيع مصر" هو عنوان لمقال ورد في الكتاب انتقل فيه و من خلاله الكاتب إلى مسيرة حركة الإخوان بمصر منذ نشأتها إلى غاية وصولها للحكم من خلال الرئيس المعزول محمد مرسي معرجا الحديث عن مصير الأزمة السياسية في هذا البلد، و الذي يرى أنها ستنتهي بحرب أهلية إذا لم تتكاتف جهود جميع الأطراف المشاركة في هذا الصراع للبحث عن حلول وسطية ترضي الجميع دون استثناء . محمد بوعزارة لم يلتفت في كتابه هذا فقط إلى القضايا و الشؤون السياسية بل تضمن أيضا مجموعة من المقالات تناول فيها جوانب من حياة بعض الشخصيات الوطنية والكتاب الجزائريين منهم من رحلوا عنا و منهم على قيد الحياة، و من أهم المقالات التي وردة في الكتاب بهذا الخصوص نجد مقال حول شخصية الطاهر بن عيشة في مقال يحمل عنوان "الطاهر بن عيشة:الذاكرة و خيبات الزمن المر" و التي حاول من خلاله الكاتب رصد الإنتاج المعرفي لهذا الرجل الذي قدم الكثير للثقافة الجزائرية كما حاول تقديم إسهاماته التي تتعلق بالتعريف بواقع الإسلام لاسيما في إفريقيا و الاتحاد السوفياتي، كذلك نجد مقال آخر حول الزعيم السياسي الراحل عبد الحميد مهري يحمل عنوان "مهري:الموقف و الإنسان".