تشتهر بلدية بني سليمان الواقعة شرق ولاية المدية بسهلها الذي ينتج الذهب الأخضر - القمح و الشعير - ، كما تشتهر بقراها ومداشرها المترامية بين السهول و جبال الأطلس البليدي ، التي كانت بحق مفخرة للمنطقة ولسكانها الذين اشتهروا بالفلاحة و تربية الدواجن و الأبقار على وجه الخصوص ، إلا أن الإسمنت زحف شيئا فشيئا وبدأت الأرض الخصبة تتقلص من سنة إلى أخرى ، حيث لم يبقى إلا الجزء اليسير من سهل بني سليمان. وما زاد الطين بله دخول الجزائر في دوامة الأزمة الأمنية و الاقتصادية خلال منتصف التسعينات و سنوات المأساة الوطنية ، و التي انعكست على منطقة بني سليمان حيث شردت العائلات و أفرغت القرى من سكانها ،وكانت بحق أحلك سنوات عاشها بني سليمانيون ، لكن مع عودة الوئام ومن بعده المصالحة الوطنية بدأت الحياة تعود إلى المنطقة ومما أسفر على عودة السكان إلى قراهم و مداشرهم التي هجروها مكرهين إلى المدينة أو المدن المجاورة . ومع انطلاق المشاريع التنموية بدأ آمال سكان القرى تكبر بالعودة إلى الأرض و الفلاحة التي لا يعشقون سواها ، لكنهم اصطدموا بالواقع المر بعد تغييب العديد من القرى من حقها في المشاريع التنمية التي تعتبر من أولويات الحياة الكريمة كتعبيد الطرق ، البناء الريفي، المياه و الكهرباء وكذا الدعم الفلاحي وهو ما لم يجده الكثير من سكان القرى كسيدي العكرات ، السواحلية ، الطوايبية .. وغيرها . قرية سيدي العكروت ..حلم البناء الريفي يراود السكان هذا ما أقره السكان خلال الزيارة التي قادت الجزائرالجديدة لهذه القرى حيث اكتشفنا طيبة السكان و كرمهم وحبهم للعيش الكريم ، حيث فتحوا لنا كل الأبواب و استغلوا وجودنا من أجل إيصال مطالبهم للسلطات المحلية . بداية رحلتنا كانت فرقة سيدي العكروت إحدى أهم القرى كثافة سكنية حيث اشتكى سكان القرية من غياب أدنى ضروريات التنمية المحلية خاصة وأن هذه القرية الفلاحية التي لا تبعد عن البلدية سوى 2كم . وقد أكد العديد من المواطنين عند حديثهم مع الجزائرالجديدة أن هذه القرية التي تم إنشاؤها في سنة 1982 ويبلغ عدد سكانها حوالي 1200 لم تستفد من التهيئة و التنمية المرجوة . ويبقى الشغل الشاغل حسبهم هو تسوية ملفاتهم الخاصة بالاستفادة من السكن الريفي حيث معظم السكان يقطنون في بناءات هشة . كما طالب محدثونا بضرورة تعبيد الطريق الذي يقطع القرية حيث يجد السكان صعوبة كبيرة في ولوج بيوتهم مع كل تهاطل للمطر على حد قول محدثينا . وقد توقفنا عند شباب القرية الذي يبقى همهم الوحيد هو إنشاء ملعب الرياضي جواري الذي يعتبر المتنفس الوحيد لقتل شبح البطالة حسب حديث شباب القرية . نفس المطالب تكررت عند سكان السواحلية ودعنا سيدي العكروت واتجهنا شمالا باتجاه قرية السواحلية حيث تغير السكان لكن بقيت نفس المطالب تتكرر على مسامعنا ، حيث اصطف أمامنا عشرات السكان و الكل يشتكي من غياب المشاريع التنموية وأهما تعبيد الطريق و توفير مستوصف يقي مرضى القرية عناء التنقل إلى مستشفى بنير سليمان . وحسب حديث السكان فان هذا الطريق الرابط بين سيدي العكروت مرورا بقرى الدغارسية والسواحلية وكذا أولاد زغيمي أصبح غير صالح لسير الراجلين والسيارات خاصة في فصل الشتاء أين تزداد معاناتهم مع كثرة الأوحال والبرك المائية مع صعوبة تنقل الأطفال المتمدرسين . ومما زاد من حدة معاناتهم هو افتقار القرية للماء الصالح للشرب حيث يتوجه السكان إلى المدينة فوق الحيوانات لجلب الماء وهو ما أدى بالعديد من السكان إلى التهديد نحو مدينة بني سليمان . وعليه دعا السكان السلطات المحلية زيارة هذه القرية و الوقوف عن قرب على المعاناة التي طالت السكان على مدار السنين ، مناشدين أصحاب الحل و الربط ضرورة إعادة الحياة من جديد لسكان القرية . مهمشة رغم قربها من مقر دائرة فرقة "السداد" خارج مجال التغطية التنموية وجهتنا الأخيرة كانت قرية السداد وهنا تجمعت كل المعاناة والتحمت كل المطالب حيث رغم المعاناة الجسيمة التي تكبدها سكان فرقة السداد خلال العشرية المأساة الوطنية ، إلا أن الظروف المعيشية التي يعيشوها السكان لم تتغير رغم عودة النازحين الذين استجابوا لمساعي الدولة في العودة إلى سكناتهم الأصلية التي لا تبعد عن مقر البلدية سوى بأقل من كيلومترين فقط،. غياب أدنى متطلبات الحياة يفرض على السكان النزوح من جديد كان أمل السكان حسب حديثهم مع الجزائرالجديدة كبيراً في أن تنظر الجهات المعنية لهم بعين الاهتمام، على غرار القرى و المداشر الأخرى المتناثرة حول مدينة بني سليمان ومقر الدائرة، ومرت أزيد من عشرية كاملة من استتباب الأمن، لكن التهميش والعزلة كانت بالنسبة لأكثر من أربعين عائلة عاملاً آخر دفعهم للتفكير في النزوح ثانية نحو المدينة، ما دامت منطقتهم بدون ماء ولا طريق ولا هم ينعمون..تشهد فرقة السداد، وجزء من فرقة الروايقية عدة نقائص، حيث يعيش المواطنون في وضعية لا يحسدون عليها، عكرت صفو حياتهم، وكانت هاجسهم الوحيد، خاصة خلال العشرية الأخيرة فهم يستغربون من افتقار بيوتهم لحنفيات المياه رغم مرور قناة الماء الشروب بالقرب من مساكنهم والقادمة من منطقة رأس العين ببلدية السواقي المجاورة، و التي تمون مدينة بني سليمان، دون الاستفادة منها. مازال جلب المياه يتم عن طريق الدواب و نحن في القرن 21وفي نفس الصدد أبدى السكان استياءهم الشديد من تهميش الجهات المعنية لهذه المنطقة التي تسكنها أزيد من أربعين عائلة، تعيش على وعود المنتخبين " الذين "يمطرون" السكان في كل مرة بتسوية وضعيتهم، بوابل من الوعود " خلال الحملات الانتخابية لكن مع فتح الصناديق يغيب المسؤولون في انتظار ليأتوا بعد خمسة سنوات " حسب عمي أحمد 50 سنة ليضيف محدثنا أن الوضعية الصعبة التي تعيشها فرقة "السداد" فرضت على العائلات استغلال الدواب لجلب الماء من المدينة على بعد أكثر من ثلاث كيلومترات، بينما تنعم عدة قرى ومداشر بهذه المادة الحيوية مثل الروايقية و السخايرية رغم أن أنبوب الماء لا يبعد إلا بثلاث مائة متر عن بيوت السكان غير أن مصالح الجزائرية للمياه لم تربط هذه البيوت بهذه المادة الحيوية حيث طالب السكان المسؤولين المحليين إنصافها عن طريق الاستفادة من الماء الشروب على غرار فرقة الروايقية والكعابشية اللتين تم ربطهما وطلقوا العطش منذ سنوات. طريق ريفي حلم بسيط لكنه صعب المنال إلى جانب ذلك اشتكى السكان من العزلة المضروبة على المنطقة التي لم يحالفها الحظ في الاستفادة من طريق ريفي، ويفضل الأهالي استعمال الطريق الترابي المختصر وضفاف وادي بوكراع على طول كيلومترين للوصول إلى المدينة، على استعمال الطريق المعبد بطول أزيد من سبع كيلومترات، هذا الأخير الذي يربط بلدية السواقي ببني سليمان مروراً بعدة قرى مثل أولاد بويحي، أولاد العمري، الزعايكية ، الروايقية أولاد العيد السخايرية. ومن خلال تواجدنا بعين المكان لاحظنا وجود قرابة العشر قنوات خرسانية ذات الحجم الكبير مرمية بالقرب من وادي بوكراع، حيث أوضح السكان أن البلدية منحتهم إياها وأنهم حاولوا بناء جسر صغير على وادي بوكراع، بالقرب من فرقة الكشاشدة، لكن قلة المساعدة حالت دون تنفيذ هذا المشروع لذي يتطلب أموال طائلة مشيرين أنه لو يتم إنجاز طريق الروايقية بني سليمان مروراً بفرقة السداد، فإن العديد من المسافرين سيفضلون هذا المسلك نظراً لقصر مسافته باتجاه مقر البلدية.من جهة أخرى تشير مصادر من فرع الغابات ببني سليمان أن التقنيين الذين عاينوا المنطقة، خلال السنة الماضية قاموا بتقديم اقتراحات لمديرية الغابات بالمدية لإدراج مشروع لشق طريق بطول 2.5 كلم يربط قرية الروايقية من نقطة مسجد بوفرد بمدينة بني سليمان من جهة المستشفى، لكن هذه الاقتراحات بقيت حبراً على الورق، في انتظار من يحركها ويدفعها نحو التجسيد، لتخليص السكان من حياة صعبة سببها التهميش. هذه لمحة صغيرة عن حياة سكان في مجموعة من قرى بني سليمان و التي حتما معاناتهم و أحلامهم و مطالبهم نفسها و ستتكرر على بقية قرى و مداشر المنطقة ، مطالب بسيطة كتعبيد الطريق و توفير المياه الصالحة للشرب بالإضافة توفير مستوصف ، لكن حلها يتطلب إرادة من قبل السلطات المحلية وهو ما ينتظره السكان.