في جو مظلم قاهر يسوده اليأس، الدمار و القتل ، يتجلى من بعيد نور ينبعث من خلف الباب المتشقق صورت المخرجة "نغواش شهيناز" رفقة الشخصيات الثلاث أهم القضايا الإنسانية مُسلّطةٍ ضوءًا ساطعًا داخل فضاء داكن على دور العنف والقهر في تحويل مخلوقٍ رقيقٍ إلى روحٍ متوحّشة، وقلبٍ مُضطربٍ اضطراب محيطه الذي يضطره للهيجان العنيف الذي قد يتفوق على العقل. حدث هذا مساء أمس الاثنين ببيت عز الدين مجوبي عندما استقبل "خلف الأبواب" ثاني عرض تنافسي في المهرجان الوطني للإنتاج المسرحي النسوي، من إنتاج تعاونية "الشمعة" للثقافة والفنون بقسنطينة. فعن قضية حرية التعبير و حق الشعوب في تقرير مصيرها، راح أبطال العرض المسرحي الأربع في قرابة سبعين دقيقة من الزمن الركحي يصورون بطرح اجتماعي صراع التحرر بين الأبوين والأبناء، الذين سئموا حياة التعسف الإجباري المسلط عليهم من قبل الوالدين اللذين منعونهم من رؤية نور النهار بغلق كافة الأبواب و المنافذ، اكتفاءا بظلمة القبو الذي نالت منه خيوط العنكبوت، يشتد بينهم الصراع وسط ديكور يتغير بتغير الأحداث، فعند لحظات التصاعد التراجيدي يرجع الأخ الأكبر، القاتل الذي جسده الممثل "بوالمدايس شاكر" بذاكرته لمرحلة طفولته والوعود التي كان يتعهد بها والداه، ويتغير الديكور بتغير المشهد الذي يصور تحول دوري الأختين ممثلتين في الفنانتين "نغواش شهيناز" و "بوعلام موني" إلى الشرطيين اللذينن يقودان "القاتل البريئ" نحو المحكمة، بين هذا وذاك نجد أن صاحبة العمل أرادت أن تبرز قيمة الحرية و التحرر لدى الشعوب من قيد الأنظمة المستبدة. نص المسرحية الذي جاء عن "الريح" لزيتوني أبو سرحان، تأليف الكوبي "خوسي تريانا" جاء باللهجة الدارجة مزج بين التراجيديا و بعض المشاهد الكوميدية، تخلل العرض مقاطع موسيقية رافقتها رقصات الممثلين كانت آخرها أغنية "تشي غيفارا" الرجل العاشق للحرية والمدافع عن أصحاب الحقوق المهضومة تعبيرا منها عن نصرة الشعوب المظلومة.