رغم كل الانتقادات التي كانت توجه لظاهرة استخدام الألعاب النارية في أعياد المولد النبوي لمخاطرها، قفزت هذه العادة لتطول أعراس الجزائريين ، و أصبحت لا تغيب عن أعراس العاصميين ، الذين عادوا بنا إلى زمن "المكحلة" ، و باتوا لا يفوتون عرسا إلا و استخدموها بكل أنواعها و أشكالها ، حتى بات الجميع يتسابق في استعراضها بمختلف أنواعها ا بغضّ النظر عن مساوئها أو ثمنها. من أعياد المولد النبوي إلى مرافقة لموكب العريس كانت الألعاب النارية في السنوات القليلة الماضية تشكل عنصرا هاما في الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في ، و بعدما بذلت كل الجهات و الجمعيات جهدها في نشر توعية مخاطرها، تحولت هذه العادة إلى الأعراس و الأفراح و أصبحت مظهرا من مظاهر الفرح لديها، حيث أصبحت لدى بعض العائلات رمزا مهما من رموز الفرح، لا سيما فئة الشباب ، التي تأخذ على عاتقها هذه المهمة و تتكفل بها، يقول مراد، 25 سنة":" لقد توليت شخصيا مهمة شراء الألعاب النارية حتى نصنع البهجة و الفرجة في عرس أخي، و قد نجحت في استعمال مجموعة كبيرة منها جعلت الجميع يذهل أمام جمالها و قوتها " . تقتنى بمبالغ باهظة و تهدى للعريس ورغم المبالغ الباهظة التي تدفع مقابل اقتناء تلك الألعاب النارية ، و التي تصل إلى 8 آلاف دينار جزائري ، إلا أن الإقبال عليها كبير،حتى أنها أصبحت عادة لدى العاصميين ، الذين باتوا يتنافسون على اقتناء الأجمل و أكبر عدد منها، فلا نكاد نجد عرسا إلا و كانت الألعاب النارية حاضرة فيها ، و ما بات يلاحظ أنها أصبحت توكل لشخص معين أو مجموعة من الشباب ، يقدمونها كهدية للعريس و يتولون شراءها واستعمالها عند خروج موكبه ، يقول سفيان، 34 سنة:" لقد توليت شخصيا شراء الألعاب النارية كهدية لأقدمها لصديقي ، و قد وصل مبلغها إلى حوالي 10 آلاف دينار جزائري ، لأفاجأ في الأخير بصديق آخر لنا جاء بمجموعة أخرى منها لتزين العرس، فكان استعراضا للألعاب النارية ليس له مثيل ، بقي الجميع يتحدث عنه، كما كانت فرحة صديقي العريس لا توصف و أعجب بها"، بل أصبحت تزين موكب العريس خصوصا في الفترة المسائية و مع حلول الظلام ، و هو توقيت مناسب لتلك الألعاب التي تزين ألوانها السماء، فيكون موعدا يضربه أطفال و شباب الحي الواحد للقائهم و استقبالهم العريس على ألوانها و دويّها . الكثيرون ينتقدونها مضارها أكبر من منافعها و إن كان البعض يرى في الألعاب النارية و حضورها الأفراح لصنع الفرجة و البهجة ، فإن من الناس من ينتقد و بشدة هذه العادة ، و يراها دخيلة على الأعراس العاصمية ، كما يعتبرها كثيرون تبذيرا للمال و نشر الهلع و القلق بين الجيران ، خاصة و أن توقيتها يتزامن ليلا و أحيانا يمتد إلى منتصف الليل ، أين يكون الأطفال و المسنين غارقين في النوم، عن هذا الموضوع تحدثت إلينا الحاجة جميلة، 63 سنة، و انتقدت بشدة هذه السلوكات التي اعتبرتها تمس براحة المواطن، حيث أنها كثيرا ما تتعرض للهلع ليلا حين سماعها المفاجئ لتلك الألعاب التي تمنعها من النوم طيلة الليل، و تعكر راحتها ، وهذا ما حدث معها في عرس جيرانها ، الذين تمادوا في استعمال تلك الألعاب لطيلة الليل ، دون مد الاعتبار لأحد، أما السيدة سامية، 37 سنة ، أم لرضيع، فقد انتقدت هي الأخرى هذه الظاهرة و نددت بإيقافها لما تسببه من إزعاج ، خاصة لدى مولودها الجديد الذي أصيب"بالخلعة" بسببها، أما البعض الآخر فيرى أنها تبذيرا للمال خاصة أنها تدفع مقابل مبالغ باهظة، و هذا ما صرح لنا به عمي صالح، 56 سنة، الذي ندد بشدة هذه الظاهرة الغريبة على تقاليدنا و عاداتنا ، و رأى أنها لا تمد لأخلاقنا في شيء، فعلاوة على أنها تبذير للمال فقد أصبحت شكلا من مظاهر التفاخر و التباهي بين الشباب، قائلا:" كأننا لا نعاني من ميزانية العرس التي أصبحت فوق طاقة الأغلبية و الشكليات التي لا معنى لها ، لنضيف ميزانية جديدة للعرس العاصمي ، و شكلا من التفاخر و التباهي" ، هذا و قد ذهب البعض إلى خطورة الألعاب النارية إذا ما استعملت بطريقة خاطئة و عشوائية ، و هذا ما يحدث في الأعراس التي يصعب التحكم في طريقة استعمالها ، مما قد يسبب خطرا على سلامة المدعويين . و رغم ما قيل في هذه الظاهرة تبقى ميزة جديدة تزين بها أعراس الجزائريين و وسيلة للتعبير عن الفرح و السرور بين أضرارها التي لا يمكن حصرها .