يحاول الإنسان جاهدا مهما علا أو صغر شأنه، كتم أسراره والمحافظة على خصوصياته وحماية شؤونه من تدخل الآخرين في حياته، فالتدخل في شؤون الغير من أسوء العادات وأقبح التصرفات التي ينزعج منها الآخرون . فالمتطفل يتدخل في خصوصيات الغير، و تصرفه متواجد في مجتمعنا منذ القدم، لكنه يختلف من مجتمع إلى آخر وفقا للمستوى الحضاري والثقافي لكل بلد . حسيبة .ب في مقال اليوم نحاول معرفة أسباب تدخل الناس في شؤون الغير ، و هل يقبل مجتمعنا الجزائري هذا التصرف القبيح و السلوك السلبي ؟ "حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين" ترى الآنسة سميرة أستاذة بالطور الابتدائي بالدويرة، أن الفضولي الذي يتدخل في شؤون الغير لا يتأخر في فضح أسرار الناس و الإطلاع على أحوالهم الخاصة، و لا يهتم إن تسبب في هدر كرامتهم وجرح شعورهم وتهديد حياتهم، وهذا لأنه يرى أنه يملك شيئا ثمينا لا يهنأ حتى يقوم بفضحه عندما تسنح له الفرصة لذلك، و من هذا تعلم بأن شر الناس من تدخل في حياة غيره ، فالأشخاص الذين يقومون بالتدخل في شؤون الغير نجد تفكيرهم محدود ومنغلق ولا يشعرون بالقيم الأخلاقية، وخاصة عندما تخالطهم وتقوم بمحاورتهم ، تجد فهمهم في واد والحضارة والرقي الأخلاقي في واد آخر، فهؤلاء لا يحترمون القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية ، و يعتبرونها مجرّد شعارات فارغة لا قيمة لها، وهذا كله لجهلهم بالعقيلة الرزينة والبسيطة ، وهي عدم التطفل على الآخرين والاهتمام بشؤونهم فقط، ومن جهة أخرى نجد أغلب المتطفلين هم من العاطلين والفاشلين الذين لا عمل لهم ولا هم سوى التسلي بأمور الآخرين، بذكر أخبارهم وكشف فضائحهم وأسرارهم وخصوصياتهم للغرباء، حيث يكون الدافع وراء ذلك مقتصرا على تمضية الوقت و صرفه في التفاهات بالقيل و القال والاطلاع على خصوصيات الغير. "لا تتدخل فيما لا يعنيك حتى لا تسمع ما لا يرضيك" من جهته عبّر رشيد ، موظف في مؤسسة خاصة ، عن رأيه في الموضوع قائلا " بتنا نصادف الفضوليين بكثرة في وقتنا الحالي، خاصة في المجتمعات التي يتصف فيها أفرادها بالضعف ويعتمدون على الغير في حل مشاكلهم وصراعاتهم، فهؤلاء يقبلون بتدخل الآخرين في حياتهم الشخصية عندما تواجههم الأزمات وتمر بهم الأحداث الصعبة والتافهة أيضا، وذلك لضعف نفوسهم وقلة خبرتهم وثقافتهم واضطراب شخصياتهم، مما يشكل دافعا قويا للفضوليين والمتطفلين للتدخل في شؤون كافة الناس ، قياسا بأولئك الاتكاليين ضعاف النفوس الذين يستنجدون بالمتطفلين عندما تداهمهم المشاكل، كما أن البطالة تعد من الأسباب التي تجعل المتطفل يتدخل في شؤون لا تعنيه ، والتدخل في حياة الناس ومراقبة الخارج والداخل ، و هدر الوقت بالثرثرة والقيل والقال على الناس في الغيب، لذا لابد علينا نحن كمسلمين أن نتبع تعاليم ديننا التي تدعونا إلى التمسك بالأخلاق الحميدة و النبيلة ، أن نهجر هذه الصفات السيئة و نحارب تلك الأفعال، ولابد علينا أن نخطو خطوة جيدة لبناء مجتمع سعيد يسوده الحب والحنان، كما أننا نجد الكثيرين من هاجروا بلدانهم و فضلوا المكوث في المهجر ، حرصا على عدم التطفل على الآخرين في شؤونهم ، ولإدخال في معتقداتهم وتفكيرهم المستوى الحضاري والثقافي الذي يتسم به الأجانب. تدخّلنا في شؤون غيرنا يعرقل حياتهم يرى محمد ، أستاذ بثانوية بوسعيدي بالحراش، أن الإنسان المتحضر في هذا العصر يريد العيش بسلام مع الآخرين، ويحب ممارسة أعماله وهواياته بهدوء، و لا يقبل بتدخل الآخرين في شؤونه، و يضيف محدثنا قائلا " إذ إن التدخل في الوقت الراهن في شؤون الغير بات يتسبب في عرقلة حياتهم وتشويش برامجهم اليومية، حيث نجد بعض الفضوليين يتطفلون بحجة النصيحة أو السؤال عن أوضاع وأخبار الآخرين ، وفي قرارة أنفسهم ما تصرفهم سوى لحجج واهية تكون نابعة من فضولهم و تطفلهم و الحقد و الغيرة.