تعرّضنا لأبشع أنواع الضرب والإهانة والسب والشتم، ووضفنا ب "الحراقة" من طرف العدو الصهيوني، جمعية الإغاثة التركية سهّلت لنا الإجراءات للوصول إلى مدينة أنطاليا جنوب ايطاليا، أسطول الحرية التقى في عرض المياه الإقليمية الدولية بعد أن مكثت السفن ثلاثة أيام في البحر تتتظر الأخرى القادمة من أوروبا، انقطاع الاتصال السلكي واللاسلكي مباشرة بعد انطلاق القافلة جنوبغزة، بعد عملية الإنزال التي تمت بسرعة انطلقت بنا الزوارق الحربية الاسرائيلية في عرض البحر لمدة 12 ساعة ولم نعرف أين نحن وأصبحنا في عزلة تامة لا نعرف شيئا عما يحدث، طيلة محاصرتنا لم نأكل سوى ما تبقى في السفينة التركية ومنعنا من الذهاب إلى المراحيض لقضاء الحاجة لمدة عشر ساعات. بهذه الوقائع المريرة استهل عضو وفد الجزائر في الأسطول الدولي لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أربع سنوات من طرف إسرائيل، ممثل حركة الإصلاح الوطني، النائب بالبرلمان في العهدة المنقضية وأمينها الوطني المكلف بالإعلام حاليا، حملاوي عكوشي، سرد تفاصيل ما حدث لقافلة الحرية لفك الحصار الصهيوني على غزة مباشرة بعد عودة الوفد الجزائري إلى أرض الوطن في الساعات الأولى من صباح أول أمس، في أول تصريح له ل "الجزائرالجديدة" حيث قال حملاوي عكوشي إن السفينة الجزائرية التي انطلقت من ميناء الجزائر في الثاني والعشرين ماي الماضي، تضم 32 مشاركا من الأحزاب الإسلامية الثلاثة، حمس، الإصلاح والنهضة وبرلمانيين ورجال أعمال وصحافيين عن طريق تركيا، وبعد وصولنا إلى اسطنبول تم استقبالنا من طرف جمعية الإغاثة التركية وكبار المسؤولين الأتراك الذين سهلوا لنا إجراءات الإبحار للوصول إلى انطاليا ننتظر جمع الشمل مع السفن القادمة من أوروبا، سفن الاسطول التقت في عرض المياه الاقليمية الدولية، وبعد قضاء ثلاثة أيام في البحر بدأت الاتصالات تنقطع بين سفن القافلة خاصة بعدما اتجهنا جنوبغزة بفعل التشويش الاسرائيلي على الأسطول، ونحن لم نبرح بعد المياه الإقيليمة الدولية ليلة الإثنين الماضي شهادنا بصيصا من النور على شكل شموع على بعد عشرات الأميال، وبعدها أحسسنا بأن مكروها ينتظرنا مثلما قال ممثل حركة الإصلاح في قافلة غزة، وهو ما جعلنا نستعد ونتأهب للحراسة بعد أن أدركنا أن العدو يترصدنا، ونحن نؤدي صلاة الفجر على الساعة الثانية صباحا بتوقيت الجزائر، شرعت الطائرات والزوارق الحربية للكيان الصهيوني في مهاجمتنا، وبدأت عمليات الإنزال وأحاطت بنا وحاصرتنا من كل الجوانب، أما نحن بداخل السفن فقد قمنا بالمراقبة وتتبع حركات جيوش الدولة العبرية البحرية والجوية، وما هي إلا دقائق معدودة تمت عمليات الإنزال بسرعة البرق، وحينها شعرنا بأننا معرضون للآلة الفاشية لإسرائيل الإرهابية، حيث تعرّضنا لأبشع أنواع الإهانة والضرب والتفتيش والسب والشتم، وقد تجرّأ الجنود الإسرائيليون على تعريتنا وخلع ثيابنا واستعمال بعض الأجهزة الحديثة لتفتيشنا، وما لم نكن نتوقعه قد حصل، حيث استعمل الكيان الصهيوني كل أنواع الأسلحة وحتى المدافع لترهيبنا، بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والغازات الحارقة والمسيلة للدموع، ومن حسن حظ الوفد الجزائري أنه كان في شرفة السفينة والمسافة الفاصلة بين الشرفة والطائرات الحربية لا تتعدى عشرة أمتار، كلنا لم نتحرك والتزمنا مقاعدنا لأننا متيقنين من عقيدتنا وعروبتنا وأصالتنا من أحفاد عميروش وبن بولعيد، وبالتالي لا يمكن أن تولي يوم الزحف، الجيش الإسرائيلي استعمل كل الأسلحة جعلنا لا نفرّق بينها خاصة الغازات المسيلة للدموع، تضاف إلى ذلك الروائح النتنة المنبعثة من هؤلاء الجنود وكأنك تشم الروائح الكريهة للجثث المتعفنة سواء للبشر أو للحيوانات المفترسة، وهو ما جعلنا نضطر إلى وضع البصل على أنوفنا وشمها بقوة وبعمق لمواجهة آثار الغازات، والحمد لله أن الوفد الجزائري نجا من مكيدة بني صهيون، حيث أصيب عضو واحد من بعثتنا بالرصاص المطاطي وجّهها له زورق بطلقة واحدة، فقد على إثرها إحدى عيناه، وهو يخضع حاليا للعلاج بالأردن استنادا لحملاوي عكوشي، الذي قال إن عمليات الإنزال المتتالية أّدت إلى سيطرة الجيش الصهيوني على كل أجزاء السفينة، وبعدها قيّدونا بحبال جر السيارات وعصموا أعيننا بلفافات من القماش تحمل العلمين الجزائري والفلسطيني، وانطلقوا بنا في عرض البحر لمدة 12 ساعة لم نعرف أين نحن وأصبحنا في عزلة تامة لا نعرف شيئا، واقتادونا إلى ميناء أسدود وبالضبط إلى السجن، حيث قضينا 30 ساعة حرمونا من الأكل وحتى الذهاب للمراحيض لمدة عشر ساعات. وحسب عضو قافلة الحرية فإن صحافيان الأول من الجزائر والآخر من قناة الجزيرة فكوا عنهما القيد لبضعة دقائق لأغراض التحقيق والتحري معهما بشأن المطرب اليهودي ما سياس، والقاعدة وحركة حماس الفلسطينية وقضايا أخرى، وبعد ذلك دخل جنود العدو في سلسلة من التحقيقات معنا وجرّدونا من كل ملابسنا وحققوا معنا ونحن عراة وفتشونا بآلات متطورة وصادروا كل ما كان عندنا، وسرقوا بعض الأجهزة التي كانت بحوزة أعضاء القافلة، وبعد اكتمال التحقيق معنا اقتادونا إلى سجن بئر السبع من ضمن السجون السبع المحيطة بمدينة بئر سبع، وهناك جرّدنا من ثيابنا وألبسونا ثياب السجن وأدخلونا الزنرانات وحينها أصبحنا لا نعرف أي شيء عما يجري في العالم، وقد تحدثوا معنا باللغتين العربية والإنجليزية، والغرابة في ذلك - يقول حملاوي عكوشي - أن يهوديان من قسنطينة حدثونا باللهجات الجزائرية عن كل صغيرة وكبيرة وعن شوارع عاصمة الشرق الجزائري وأحيائها وجسورها، مكثنا في السجن عشر ساعات، وحينها جاءتنا معلومات مفادها أن ضغوطا كبيرة تمارس على اسرائيل وتأكدنا حينها أننا سنغادر السجن، خاصة بعد بدء عمليات التوقيع على بعض الوثائق، تتضمن عدم العودة إلى إسرائيل مرة أخرى، واعتبرنا "حراقة" غير شرعيين، والجميل والمفيد هو أن وفد القافلة كله رفض التوقيع على هذه الوثائق وخاصة البعثة الجزائرية التي أصرّت على عدم التوقيع وأبدت استعدادها ورغبتها في العودة مرة ثانية إلى غاية كسر الحصار على قطاع غزة، وهكذا خرجنا من السجن ونحن نشعر بانهزامهم النفسي وقد تحدى وفد القافلة الجيش الإسرائيلي بالسب والشتم في عقر داره بعد أن انقلب السحر على الساحر. على حد تعبير ممثل حركة الإصلاح الوطني في الأسطول الدولي لتحرير غزة من الحصار الجائر المفروض عليها من طرف الكيان الصهيوني، واستنادا لذات المتحدث، فإن السفارة الأردنية في اسرائيل كان لها دورا كبيرا في تبني ترحيلنا من بئر سبع عبر البر إلى غاية جسر الملك حسين على الحدود الأردنية الإسرائيلية، حيث وجدنا طاقم السفارة الجزائرية بالأردن والسفير شخصيا في انتظارنا، وقد تم استقبالنا بحفاوة من طرف شخصيات أردنية وجزائرية وعربية رفيعة المستوى، وبعد إكرامنا من طرف حكومة الممكلة الأردنية، بعث الرئيس بوتفليقة طائرة خاصة تضم برلمانيين والوزير المكلف بالجالية الجزائرية في الخارج وإطارات في الدولة، للتكفل بنقل البعثة الجزائرية، وبعدها انطلقت بنا الطائرة على الساعة السادسة من مساء الأربعاء من مطار العاصمة الأردنية عمان، وبعد ست ساعات، أي في منتصف الليل وصلنا إلى مطار الجزائر الدولي، ولما رأينا أضواء بلدنا المستقل أدركنا بأننا هزمنا العدو الصهيوني، وانتصرت غزة وانهارت الدولة العبرية على المستوى الدولي برأي عكوشي الذي أبدى نيته في العودة مرة أخرى إلى غزة.