العنوسة هو هم كبير في مجتمعنا العربي وخاصة في مجتمعنا الجزائري لا يندمل جرحه أبدا، حيث أصبح يرتفع بكثرة في الآونة الأخيرة، وهذا كله بسبب أفكار شبابنا التي دخلت على مجتمعنا واكتسبها شبابنا، وأصبح يحبذ أن تكون شريكة حياته مثل جميلات الشاشة أو أكثر. الكثير من الشباب يريدون أن تكون شريكة حياته مثل تلك الستار التي تتباهى بفستانها المثير عاري الأكتاف، تتمايل بدلع وأنوثة، فيغريه جمالها ودلالها، حتى يهيم بها من اللحظة الأولى هي أراء كثيرة سرقتها "الجزائر الجديدة" من حنجرة الشاب الجزائري، الذي يريد الأفضل والأجمل في شريكة حياته بين فنانات الجيل، ليظل يدور في حلقة غير منتهية أمام جميلات الشاشة ودلعهن وأنوثتهن، ودائماً ما يقارن بينهن وبين من يتقدم لخطبتها، لتكون زوجة المستقبل، والتي حتماً لن ترجح كفتها أمام ملكة التفنن في الجمال والأنوثة وارتداء أحدث صيحات الموضة، ووضع أفضل منتجات مساحيق التجميل، حتى يرفض الواحدة تلو الأخرى، لتصبح جميلات الشاشة سبباً من أسباب العنوسة في مجتمعنا. شباب اليوم يهتمون بالشكل أكثر من المضمون والأخلاق الكثير من الشباب الجزائري يؤكد أن جميلات الشاشة سببا وحيدا في العنوسة في مجتمعنا، حيث يحبذ الكثير من الشباب أن تكون شريكة حياته مثل تلك الفنانة التي تتمايل بفستاتها أو مظهرها الجذاب الذي يلفت الأنظار من الوهلة الأولى، أو تقتني أجمل الفساتين التي تلبسها تلك الفنانة أو تلك المذيعة التي يهيم في عشقها وجمالها، ناسيا أن تلك ماهي إلا روتوشات من أجمل المساحيق وتلبس أحسن فساتين من دار موضة خاصة، وهذا حتما سوف يؤثر كثيرا على حياته المستقبلية والخاصة. حيث يقول مصطفى، 35 سنة، أستاذ في التربية الخاصة أخصائي، لاشك أن جميلات السينما والفيديو كليب وبرامج المسابقات له تأثير كبير على عقل الشاب عند اختيار شريكة حياته، لأنه وقتها سيبدأ بالمقارنة، مما يجعله يهتم بالشكل على حساب المضمون والجوهر والأخلاق، بل يعتبر الجمال المعيار الأول عند الاختيار، يتبعه التكافؤ المادي والاجتماعي والثقافي. الجميلات لهن تأثير كثير في اختيار شريكة الحياة من جهته أكد السيد رشيد، مدير تنفيذي في مؤسسة خاصة، أن جميلات الشاشة بوجه عام سواء كن مطربات أو ممثلات، أو حتى مقدمات برامج لهن تأثير على اختيار الشاب لفتاة أحلامه من وجهة نظري بنسبة مئة بالمئة، خاصة إذا كان الشاب في مستوى وظيفي واجتماعي ومادي مرتفع، فإنه يهتم بعامل الجمال بنسبة كبيرة جداً، لأنه يرى نفسه مميزاً في حياته، ووظيفته وبين أصدقائه، لذا يريد أن يكمل دائرته بالارتباط بفتاة جميلة جداً، وإن توفر هذا العامل فإنه يبحث بعدها عن العوامل المهمة الأخرى كالأخلاق والتربية والثقافة، فنستطيع أن نقول إنه يبحث عن الكمال في شريكة حياته. بنات اليوم يدفعن الثمن عبرت زكية، 34 سنة موظفة بصيدال، أن معظم البنات حالياً يهتممن بمظهرهن وجمالهن، لتحظى بعريس جيد، لأننا نعلم جيداً أن الشاب الآن يبحث عن أكثرهن جمالاً، وليس أكثرهن خلقاً وتربية، وهي نظرة سطحية للأسف، لكنها هي الحقيقة التي تدركها البنات جيداً، وتسعى هي الأخرى لتحقيقها عن طريق الأزياء والموضة ومساحيق التجميل والعدسات اللاصقة وصبغ الشعر بألوان جد فاتحة وغيرها، لتصبح مثل الممثلات والمطربات ومقدمات البرامج الجميلات من حيثُ الشكل، كما أن زوجي يقول لي دائماً أنا أحب البنت الجميلة، التي تهتم بمظهرها وشكلها، وكنت أفتش عنها دائماً عندما كنت أبحث عن عروس قبل اختيارك، وأول ما كنت أهتم به عندما رأيتك أول مرة كان الشكل بجانب التربية وحسن الخلق والثقافة. شروط تعجيزية الكثير من الشباب في زماننا الحالي يريدون من الفتاة التي يتزوجونها أن تكون في قمة الجمال، ناسين الأخلاق والتربية، حيث يحبذون أن تكون مثل الستار أو قنبلة يفجر بها الأماكن يتباهى بها أمام زملائه وأصدقائه، حيث ترى أمال موظفة في مؤسسة خاصة، أنا شخصياً تقدَّم لي كثير من الشباب على تلك الشاكلة، التي تهتم بالجمال والموضة أكثر من الجوهر، ومنهم من يقول أود لو تكوني مثل تلك الممثلة أو تصبغي شعرك مثل تلك المذيعة أو تكوني حريصة على لبسك تلك الموضة ووضع مساحيق تلفت الأنظار وتلفتني أنا شخصيا كثيرا، ومنهم من لا يتردد مثلاً أن يطلب أن تخلع من يريد الارتباط بها الحجاب حتى تشبه جميلات السينما، وللأسف هذا النوع من الشباب كثيرا في مجتمعنا حاليا، حيث أصبح شباب اليوم متمردين على عاداتهم وتقاليدهم وأنصاغوا وراء أفكار الغرب، حيث رسخ في عقولهم فكرة التباهي والتملك في كل شيء، والفتاة هي التي تدفع الثمن دائما بسبب المقارنة الظالمة بينها وبين جميلات السينما، ويتم رفضها أو إلغاء فكرة الزواج منها. العنوسة جرح نازف لا يندمل في مجتمعنا من جهتها الآنسة سميرة أستاذة في الطور الابتدائي، ترى أن رغبة البعض في تقليد المظاهر التي يظهر بها من حولهم تعد من أبرز الأسباب التي ضخمت هذه المشكلة وأوصلت كثير من فتياتنا إلى هذه النتائج القاسية التي قد تعيق حاضر ومستقبل الكثيرات منهن فهي مثل الجرح النازف الذي لايندمل، والتقليد أصبح في كل مظهر من مظاهر الزواج وما قبله وما بعده، سواء في كيفية وطرائق الاختيار، أو إعلان الخطوبة أو التجهيز .. الخ ، أما قصور فهم الكثيرين من الشباب ( إناث وذكور ) لأهداف الزواج ومقاصده وغاياته فهو أمر يستحق التوقف طويلا والدراسة والبحث، وأعتقد أنه جلي وواضح وفي نفس الوقت مخيب للآمال، والمتأمل في القصص التي يقرأ عنها أو يسمعها كأسباب لطلاق البعض يستطيع التعمق في فهم هذه النقطة ، وان البعض يستسهل هذه العلاقة لدرجة عدم الاستعداد لتحمل المسئولية ودفع التبعات والتكاليف المادية والمعنوية، فديننا الحنيف يدعو إلى التيسير في كل مظاهر حياتنا ، ومن الظلم بحقه وبحق أنفسنا أن نركن إلى عادات بعضها بال وأخرى مستورد لا أساس له إذا قيست الأمور بإفهام العقلاء، علنا نتعلم فنكون بعض أدوات التغيير المرتقب. الإعلام سبب العنوسة في مجتمعنا العربي يؤكد استشاريون اجتماعيون وتربويون، أن أسباب كثيرة أدت إلى انتشار ظاهرة العنوسة في مجتمعنا منها اقتصادية واجتماعية، حيث يرى مختصون اجتماعيون أنها أصبحت مرتبطة بثقافة وفكر الشباب، وهو الجذب الإعلامي للشكل المثالي للفتيات اللاتي يخرجن على الشاشات بأبهى صورة، ويجذب بذلك أي شاب أراد أن يقع في غرام تلك الفنانة أو المذيعة، وهذا ما تؤكده الأستاذة المختصة في علم الاجتماع السيدة "خديجة.ر"، حيث يعتقد كل شاب أن ذلك هو الشكل المثالي والحقيقي للفتاة، ويبدأ في البحث عن ذلك الشكل المثالي في الحفلات أو الأماكن العمومية، خاصة مع القنوات التي أصبحت بكثرة وأصبحنا نرى كل يوم ممثلة جديدة ومغنية جديدة يتباهين بأنوثتهن وبمظهرهن أمام عدسات الكاميرا ليراها شباب اليوم ويقع في غرامهن، وينسى أن وراء ذلك جبلا من مساحيق التجميل المختلفة، ويرفض بسبب ذلك أكثر من فتاة مرشحة للزواج منه، حيث إن هذا الفكر المحدود عند اختيار شريكة الحياة يرجع إلى عدة أسباب أولها داخل المنزل، فلا نجد داخل العائلات حواراً مثمراً مع الشاب في كيفية اختيار شريكة حياته، وكيف أن الأخلاق والحياء سبب هام في جمال البنت قبل المساحيق وعمليات التجميل، كما أن كثيراً من الآباء لا يتابع أو يناقش ابنه كيف ينظر إلى المرأة في حياته؟ وكيف يجدها مؤثرة بشكل إيجابي؟ ولا يعتبر الشكل هو المقياس الوحيد. كما أن دور الإعلام في ربط كل ما هو جيد بكل ما هو جميل، وكل ما هو سيئ بكل ما هو غير جميل، مما زرع صورة ذاتية خاطئة في العقول وخاصة على شبابنا، في حين أن واقع الأمر هو أن ما نراه ما هو إلا 1بالمائة من الحقيقة، والباقي مصنوع من كاريزما الفوتوشوب والإعلام، وأن الشكل الحقيقي غير ذلك. ومن جهة أخرى تؤكد الأستاذة "خديجة.ر" أن للمدارس دور كبير في توعية المراهقين في تحكيم العقل في اتخاذ القرار وتعليمهم القيم الصحيحة لكل دين، حتى يستطيع كل فرد أن يختار كما أمره دينه، وكما يراه العقل صحيحاً، أرى أن إصلاح كل ما سبق سوف يصنع جيلاً متوازناً من الشباب، ويقضي على نسبة كبيرة من أسباب العنوسة، التي باتت موجودة لأسباب كثيرة، وعلينا أن نعمل على القضاء عليها.