طرحت زيارة رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، الخاطفة إلى الجزائر، واستقبال عبد العزيز بوتفليقة له أكثر من سؤال حول أهدافها ودلالاتها السياسية. وربط ملاحظون الزيارة، بالتطورات المتسارعة في تونس، ويُتوقع أن تكون لها ارتدادات على الملف الليبي المشتعل سياسيا وعسكريا، على ضوء ما كشفت عنه التحقيقات الأولية بخصوص الهجوم الإرهابي في مدينة سوسةالتونسية، من معطيات جديدة، من شأنها توجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم "أنصار الشريعة"، وبعض الأطراف الليبية. ورغم التعتيم الكبير الذي فرض على الزيارة من الطرفين، وفحوى محادثات الغنوشي مع الرئيس بوتفليقة، لكن أطرافا سياسية تونسية، ذهبت إلى أن الغنوشي، يسعى إلى توسيط بوتفليقة للضغط على الباجي قائد السبسي، كي لا يذهب بعيدا في الحرب التي أعلنها على الإرهاب في بلاده، ولا "يتورط" في الصراع في ليبيا من زاوية القطع نهائيا مع ميليشيا فجر ليبيا، وبالتالي الاصطفاف إلى جانب الحكومة الليبية المُعترف بها دوليا. ولم يكشف عن فحوى القضايا والملفات، التي تناولها لقاء بوتفليقة بالغنوشي الذي يأتي بعد نحو24 ساعة، من اجتماع راشد الغنوشي مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وهو اجتماع جاء على وقع إرهاصات الهجوم الإرهابي بمدينة سوسة الذي لم تنته بعد تداعياته الأمنية والسياسية والاقتصادية. وتسرب عن اجتماع الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي، أن الجانبين تطرقا لعدد من الملفات الحارقة التي تُلقي بظلالها على تونس، وخاصة الإجراءات والتدابير التي تعتزم الحكومة التونسية اتخاذها ضمن إطار الحرب على الإرهاب، كما أن الغنوشي طلب من السبسي، عدم التصعيد مع التيارات الإسلامية والتشديد عليها ضمن إطار الإجراءات الجديدة، حتى يسهل له مواصلة "جهوده لتهدئة الأوضاع في البلاد"، إضافة إلى مطالبة السبسي، بإرجاء عملية مراجعة التعيينات لجهة تخليصها من بعض الوجوه المحسوبة عليه التي كانت حركته أغرقت بها مؤسسات الدولة في مسعى للسيطرة على جميع مفاصلها. ويرى مراقبون أن زيارة الغنوشي الخاطفة للجزائر، أملتها أيضا التطورات المرتقبة بسير التحقيق الأولي المتعلق بالهجوم الإرهابي على مدينة سوسة، وخاصة بروز خيوط جديدة، تؤكد تورط تنظيم "أنصار الشريعة" في هذا الهجوم، ما يعني تعقيد المسألة ارتباطا بعلاقة هذا التنظيم مع ميليشيا فجر ليبيا، وانعكاس ذلك على تونس. ويبدو أن راشد الغنوشي يخشى من تداعيات هذه التطورات لجهة اتخاذ الحكومة التونسية لتدابير جديدة قد تشمل ميليشيا فجر ليبيا باعتبارها تؤمن الحماية لتنظيم أنصار الشريعة التونسي في ليبيا، لذلك سعى إلى توسيط الرئيس الجزائري حتى تندفع تونس نحو تصنيف فجر ليبيا منظمة إرهابية.