عبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن قلقها إزاء تفشي الأخطاء الطبية في القطاعين العمومي والخاص، ومعاناة ضحاياها في صمت. وأشارت الرابطة في بيان لها، إلى تزايد عدد ضحايا الأخطاء الطبية في السنوات الأخيرة وعدد الضحايا أزيد من 1200 شخص. وقال الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور، أن نسبة كبيرة من الضحايا يعانون مشاكل نفسية كبيرة، بسبب الضرر المعنوي الناجم عن هذه الأخطاء، خصوصا بالنسبة لحالات تعرضت لعاهات أو إعاقات دائمة، تدمر حياتهم بشكل كلي، بتسريحهم من العمل وإحالتهم على البطالة وكذلك التسرب المدرسي بالنسبة للأطفال، ما يفرض الإسراع في منح الاعتماد للمنظمة الوطنية للدفاع عن هذه الشريحة التي تعاني الويلات في منظومة صحية لا تعترف بالخطأ الطبي ولا تلتفت إلى ضحاياه. وتشدد الرابطة على أهمية إدراج الحقوق الصحية في المناهج الدراسية، ونشر الثقافة الحقوقية الخاصة بالجوانب الصحية بين التلاميذ ليعرفوا حقوقهم. وتنبه إلى ان الخطأ الطبي ليس حصرا على الممارس الصحي، بل ينبغي إضافة الخطأ الاقتصادي، في تحويل المرضى أو عدم توفير الإمكانات اللازمة للقطاع الصحي، وهذا من الأخطاء الإدارية التي يمكن تفاديها، وكاستغلال حاجة المرضى في القطاع الخاص وفي بعض المستشفيات العمومية وإلزامهم بتوفير قيمة العلاج. وتطالب الرابطة بوجود مراقب صحي مختص لمتابعة الحقوق الطبية وحقوق المرضى في كل منشأة الطبية، إلى جانب إلتزام الوزارة الوصية بتنفيذ البروتوكولات العالمية الخاصة بتقديم الرعاية الصحية والأولية، وأن يكون التعويض حسب نوعية الخطأ الطبي، من خلال استحداث منحة شهرية محترمة لا تقل عن 20 ألف دينار لضحايا الأخطاء الطبية الذين أصيبوا بعجز أو بتر لأحد الأعضاء، وإذا تسبّب الخطأ الطبي في الوفاة، يجب أن يكون التعويض كبيرا. وتتساءل الرابطة: لماذا لا يكون التعويض عن قيمة الإنسان كما يحدث في معظم الدول، كما تطالب بمعاقبة كل من يرتكب خطأ طبيا، سواء كان كبيرا أو صغيرا، قصد دفع طاقم الطبي إلى الحرص أكثر على سلامة المرضى، ووضع حد لحالة التسيّب والإهمال السائدين لدى كثير من الأطباء والجرّاحين في المستشفيات والعيادات الخاصة. ويرى هواري قدور أنه حان الوقت لقانون ينظم عمل المستشفيات ويراقب ما يجري فيها ويحاسب المخطئ، ويطالب السلطات الوصية بضرورة إدراج مشروع قانون المساءلة الطبية، على إعتبار أن عدد الملفات في القضاء مخيف. وسجلت الرابطة توجه الحكومة نحو خوصصة قطاع الصحة في حالة تطبيق القانون في صيغته الحالية الموجود بالبرلمان، ما سيقضي على ما تبقى من القطاع العام وسيغلق الباب أمام ملايين المواطنين للظفر بخدمات صحية وسيحول الصحة من خدمة عمومية، وحق من حقوق الإنسان، إلى سلعة مشابهة تماما لقوة العمل، ستؤثر بمرور الوقت في حق المواطن في العلاج، مضيفا أن المشروع لم يولد مع عهدة الوزير عبد المالك بوضياف، وسبق لوزراء سابقين أن حاولوا تطبيقه منذ 2003 في عهد عبد الحميد أبركان، غير أن المعارضة الشديدة التي لاقاها من نقابات قطاع الصحة، إرجعته إلى خزنة الوزارة قبل أن يعيده الوزير عبد المالك بوضياف إلى الواجهة. ويؤكد هواري قدور أن الجزائريين في حاجة إلى نظام صحي عادل يمكن الجميع على قدم المساواة من الاستفادة منه بغض النظر عن وضعهم المادي.