أحدثت التداعيات الأخيرة قضية الصحراء الغربية حالة استقطاب حادة، مكنت السلطات الجزائرية من الوقوف على حقيقة بعض الدول، التي تربطها بها علاقات قوية، وخاصة في المواقف من بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك. أول هذه الدول، هي فرنسا التي شهدت علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع الجزائر طفرة في السنوات القليلة الخيرة، وخاصة بعد وصول الرئيس الحالي، فرانسوا هولاند، للسلطة في العام 2012. فبين الجزائروباريس خصوصية مكنت الطرف الفرنسي من جعل الجزائر منطقة نفوذ حيوي، بعدما كانت قد فقدت هذا الامتياز، منذ طردها وهي صاغرة قبل أزيد من قرن. وكان الجميع يعتقد أن الامتيازات التي تحصلت عليها باريس في الجزائر في السنوات الأخيرة، قد تدفعها لتطوير موقفها من قضية الصحراء الغربية، باعتبارها مسألة تصفية استعمار، إلا أن الخيبة كانت السمة البارزة في الموقف الفرنسي، الذي تم الكشف عنه من قبل المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، والذي كان منحازا بشكل فاضح للطرح المغربي، جول الصحراء والمعروف ب "مشروع الحكم الذاتي". ولم يكن الموقف الفرنسي هو وحده المخيب، فقد جاء الموقف السعودي والخليجي عامة، ليؤكد وفاء الملكيات والإمارات الخليجية للمغرب، الذي لا يختلف عنهم كثيرا في المواقف والتوجهات، فيما بدا "انتقاما" من الجزائر التي لم تساير توجها حاولت الدول الخليجية فرضه على الجميع، وهو اعتبار "حزب الله" اللبناني، منظمة إرهابية. وجاء الموقف السعودي "المستفزّ" بعد أيام قليلة من رفض الجزائر لذلك التوجه، في موقف معاكس لموقف الدول الخليجية. وبالنظر للظرف والسياق الذي جاء فيه الموقف السعودي ومن ورائه الموقف الخليجي، يمكن القول إن دعم دول الخليج العربي للطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء، إنما جاء نكاية في الجزائر. وأيا كانت العبارات التي صدرت عن سفير المملكة المغربية في الرباط، والتي حاولت التركيز على الوحدة الترابية للمغرب لرفض حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، فإن ذلك سوف لن يغير شيئا من مصداقية مطالب الصحراويين، التي قوبلت بتفهم كبير من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وهو اعتراف سيشكل من دون شك، مقدمة لاحتضان أكبر لهذه القضية من قبل المجموعة الدولية، التي ستعمل على إرغام المخزن على التخلي عن تشدده وتسليم القرار للشعب الصحراوي كي يحسم في مصيره عاجلا أو آجلا.