نظمت مكتبة شايب دازير التابعة للمؤسسة الوطنية للإعلام والنشر والإشهار"لاناب"، وقفة تكريمية، للمجاهدة الكاتبة والشاعرة الراحلة جميلة عمران واسمها الحقيقي "دانيال مين" (1939-2017)، بمقرها وسط العاصمة البيضاء، وتعد إحدى جميلات المقاومة وحرب التحرير المظفرة 1954،على غرار جميلة بوحيرد، بوباشة وبوعزة. جرى اللقاء بحضور المجاهدة لويزة إيغيل أحريز، التي نشطت إلى جانب سيد علي صخري اللقاء، وحضر من عائلة الراحلة كل من عبد القادر قروج زوج أم المجاهدة الراحلة "جاكلين قروج" وتوفيق قروج، دراديلا أحمد وصديق عائلة قروج جمال خلاف، إضافة إلى جمهور الفضاء الثقافي الجواري من رواد النادي. وقد تزامن اللقاء ضمن سياق الاحتفال بيوم الشهيد الموافق ل 18 فيفري من كل سنة. الموافق ليوم تنفيذ حكم الإعدام بالمقصلة في حق المناضل "فرناند إيفتون". جميلة عمران واسمها الحقيقي دانيال مين ولدت في 13 أوت 1939 بباريس، وتوفيت في 11 فيفري 2017، هي جزائرية من أصول فرنسية، ابنة جاكلين قروج وبيار مين، وصل والداها إلى الجزائر في 1948 لتتزوج والدتها جاكلين من عبد القادر قروج في 1950، مناضل في الحزب الشيوعي الجزائري، ومنذ 1955 وجاكلين وعبد القادر قروج يشاركان في التنظيم المناهض للاستعمار وينظما ضمن شبكة ياسف سعدي. شاركت دانيال مين في 1956 في إضراب الطلبة لتلتحق بالثوار الوطنيين الجزائريين تحت اسم "جميلة" لتصبح عضوا في شبكة واضعي القنابل بأحياء العاصمة في معركة الجزائر الشهيرة. لتشارك في 26 جانفي في تنفيذ ثلاثي وعمرها 17 سنة، وللنجاة من ردة فعل المظليين، تم إخفاؤها في الولاية الثالثة بمنطقة القبائل. قبض عليها وحكم عليها في 4 ديسمبر 1957 بسبع سنوات، سجنت في سجن بربروس لتحول بعدها إلى فرنسا ويطلق سراحها في أفريل 1962 جراء العفو المنبثق عن اتفاقيات إيفيان، تزوجت في 1964 من الدكتور رابح عمران، وتحصلت على الجنسية الجزائرية وتصبح جميلة عمران. رحلت جاكلين يقول صخري، لتلتحق بأمها المجاهدة الكبيرة جاكلين قروج التي تقاسمت معها الصراع ومقاومة الاستعمار من أجل استقلال الجزائر، وتقاسمت معها زنزانة سركاجي، وعمرها 17سنة، ولا تزال صورتها حين اعتقالها من طرف مظلي "ماسو" المجرم في 26 نوفمبر1957، وهي مراهقة في سن الورود، جمال، شباب ورقة وعنفوان مع قوة الاعتداد بالنفس وقوة وتصميم لا يتزحزح، وهي المنتمية إلى عائلة شيوعية مناهضة للاستعمار ومساندة لثورة التحرير. إضافة إلى قصائدها الشعرية، لديها كتبا حول مشاركة المرأة الجزائرية في الثورة . وهي مؤرخة جامعية ضد الكولونيالية، نشرت كتاب ضم 88 لقاء أجرته ما بين 1978 و1986، وصدر في كتاب تحت عنوان "نساء في حرب الجزائر" نشر أولا في 1994 عن دار كرثلا، ثم أعيد طبعه في 2015 عند دار البرزخ. تحصلت أشعارها التي كتبتها في السجن على جائزة أدبية في 1962، المعروف منها قصيدة "البوقالة"، كما كتبت القصة القصيرة "كسكس الحلم" في 1963، وهي التي قبض عليها بعد العربي بن مهيدي المعروف عنه مقولته أعطونا مدافعكم سيدي نعطيكم قففنا وحقائبنا. وفي حديثها قالت لويزة إغيل أحريز، أن اسم جميلة يذكرها بكثير من الذكريات، حيث كانت بمثابة أختها الصغيرة، وحتى عندما كانوا يفصلون بينهم في السجن كانت تجد الوسيلة للتواصل. قال أخ الراحلة كانت أخته الكبرى، أنظمت إلى صفوف الثورة بمحض إرادتها وبعد موت زوجها في 1961 تزوجت من أخيه. وقال أحد المتخلين خلال فترة النقاش أن مدرسة في أقبو بولاية بجاية تحمل اسم الراحلة دون علم منها. الباحث في التاريخ فؤاد سوفي، قال بأنه يتحدث عن المؤرخة وهي التي عملت على المذكرات والشهادات لأبطال الثورة، وقد استعانت بالأرشيف الذي وضعته وزارة المجاهدين وقتها تحت تصرفها، ويرى سوفي أنها تعد اصل الحركة المجددة في كتابة التاريخ. وقالت الشاعرة آيت كاكي في تدخلها أنها تحب ذكر جاكلين قروج وجميلة عمران لكونهما أيقونتان بالنسبة إليها. وقال أحد أقارب الراحلة أن جميلة عمران لزمت الصمت وكانت لا تدلي بأي تصريح كونها أجرت عمليات جراحية. وقال أحدهم وهو عبدلي أن أول نوفمبر أعطى المرأة إمكانية العمل دون أن تطلب ذلك من الرجل، لأن الرجال وقتها كانوا في حاجة إلى جميلة وكل الجزائريات. ونختم بمقطع من نصها الشعري "البوقالة"، حيث تقول "لا يا إخوتي، لم أشفى بعد، لقد جئت بالبوقالة من الآبار، وكل قطرة تتساقط من مائها تحمل اسم أخ قتل، كل قطرة من هذه القطرات أحرقتني إلى الأبد". جدير بالذكر أن مسار جميلة عمران حقيقي بأن يخلد أدبيا وسينمائيا.