*- حكايات وأساطير من رحم المدينة القديمة القصبة العتيقة قدم الكاتب والصحفي نور الدين لوحال كتابه الجديد الموسوم "الجزائر البيضاء" في فضاء بشير منتوري التابع لمؤسسة فنون وثقافة، حضره عدد من المهتمين بشأن التراث والكتب ورواد الفضاء الثقافي الجواري الأوفياء. وقد ارتفعت وثيرة النقاش واشتد حماس البعض عندما تطرق لوحال إلى مرحلة التواجد التركي بالجزائر والأصول المزغنية للقصبة التي لا غبار عليها، فلما قدم الإخوة بربروس، في القرن السادس عشر، ومن ورائهم جحافل عساكرهم وجدوا المدينة القديمة القصبة قائمة على أسس متينة منذ قرون، وهي التي كانت قبل أن يجيئ بولوغين بن زيري الذي زاد من عمرانها وبناها، وفيها مسجد سيدي رمضان بأعالي القصبة الذي يعود للقرن العاشر، وكذا المسجد الكبير عام 1097 الذي بناه يوسف بن تاشفين زمن المرابطين. صدر الكتاب عن دار "تافات" للنشر ومعناه الضوء، ويقع في 251 صفحة من الحجم المتوسط. يقول لوحال "وأنت تسير في القصبة حتما ستشم رائحة الجزائر العتيقة، والمتجول فيها يتذوق فعلا هذا التجوال أو التسكع، حيث هناك دائما لقاء وتجاذب أطراف الحديث مع القصباجي ساكن المدينة ولو للحظات، ولو لكلمة واحدة هي صباح الخير، هي رحلة في هذه المدينة التحفة وفي عالم الطفولة الحالم يطبعها الإيقاع الذي يرنو السلم والتبادل الملتزم للحديث حول جولة حالمة في عوالم الطفولة، الزائر حتما يستمع لحكايات وأساطير ترويها أروقة وأحجار المدينة وذكريات الطفولة". يضم الفصل الأول من الكتاب حكايات من عندنا نذكر منها، شيخ الكانون، عيشة القنديشة، مقيدش بولحموم "ما يرقد ما يجيه النوم"، مشاكل مقيدش الذي لا ينام بعين واحدة، لونجة والغولة، يما ربيحا وين كنتي، بائع السردين وسارق الحمار، اليد المهراز وحكايات أخرى. أما الفصل الثاني فيستعرض أساطير الجزائر، منها المعكرة، خداوج العمياء، نفيسة وفاطمة، القدر التراجيدي لزفيرة أميرة الجزائر، لالاهم ملك أم شيطان، العالية، لالة ميمونة. بالإضافة إلى مشاهد الجزائر، ملحمة البطولية لجزائر بني مزغنة، الجزائر المحروسة، كان يا مكان بابا مرزوق، ومشاهد أخرى. أما الفصل الثالث والأخير فيضم لعبة البوقالة والاعتقادات الشعبية، الفأل، قاع السور أسفل، عين الشاطين السبعة وغيرها. أهدى نور الدين لوحال كتابه لرفيقة دربه ولنصائحها الوجيهة، وإلى ابنتيه ريحانتيه، أمينة وياسمين للشد على ساعديه.وشح نور الدين الكتاب بكلمة لزهرة ظريف بطاط من "ذكريات مناضلة"، حيث كتبت "كنا معجبين بالقصبة تاريخها وحكاياتها، لكنه لم يكن يسمح لنا إلا بزيارة سيدي عبد الرحمن الثعالبي والمكتبة الوطنية، وكان حلمنا هو اكتشاف تفاصيل هذه القصبة". كانت كتابة هذه الحكايات بإيعاز من صديق الكاتب طريق جرود، لكن لوحال اختلطت عليه الخيوط، ولم يعرف من أين يبدأ، من المعكرة أم خداوج العميا، أم فاطمة أم نفيسة، وكلها حكايات من القصبة، فرد عليه صديقه أنا متأكد أنك ستصل وتضع الكتاب المطلوب. يقول عيسى بليس أستاذ الفرنسية المتقاعد في تقديمه لكتاب لوحال، أحسد ذاكرة الكاتب الخارقة، وعمل خيرا بوضعه الكتاب المكثف لطيف وتعليمي للتعرف على تاريخ وحكايات الجزائر، وهو جدير أن نضعه في متناول أكبر عدد من القراء ومن المطلوب أن يقدم مجانا، ولما لا، لكل زائر جديد للمدينة العتيقة. الحكاية حسب سرادوني أحمد تنقل فكرة الصراع بين الخير والشر، النور والظلام، والحق ضد الظلم، وبهذه الطريقة تكون الحكاية خير طريق لتعلم القيم المتوارثة التي تشكل الروح والنفس ضمن الحرية للجميع وللمبتدئين. للتذكير فإن نور الدين لوحال هو من مواليد القصبة ومن أصول تعود به إلى أزفون ببلاد القبائل، كاتب وصحفي يدفعه الشغف بالقصبة للحديث عنها دوما، لديه كتب أخرى، ومن خلال كتابه الحالي يفتح الأبواب مشرعة على مصراعيها للعاصمة، ضمن كتابة ترنو الجمال والكرم.