لا تخفي السلطة حاجتها إلى مواكبة جدية من قبل كبرى قوى المعارضة لمساعدتها على اجتياز المرحلة الراهنة الصعبة اقتصاديا واجتماعيا، والدليل على ذلك مشاورات الوزير الأول عبد المالك سلال مع "حمس" حول المشاركة في الحكومة المقبلة، ومن قبلها تشجيع القوى الإسلامية على لم شملها في تكتلات انتخابية، و لذلك جاء دستور 2016 ليعزز صلاحيات المعارضة داخل البرلمان، غير أن تفعيل هذه الصلاحيات يبقى مرهونا بطبيعة المجلس المنبثق عن انتخابات 4 ماي. وحسب المتتبعين للشأن السياسي تكريس المشهد الراهن في مبنى زيغود يوسف، يعني أن ممارسات العهدة المنقضية ستتواصل وربما أشد، فحصول أحزاب السلطة على أغلبية، ستمكنها من بسط نفوذها على الغرفة السفلى، ومن ثم تضييق الفضاءات الممنوحة للمعارضة بموجب الدستور الجديدن و مع انطلاق العهدة التشريعية الثامنة، ستكون ال36 تشكيلة سياسية المكونة للبرلمان الحالي أمام رهانات صعبة بعضها جديدة و أخرى قديمة، ما يطرح التساؤلات حول دور برلمان 2017 و مدى إمكانيته في مساعدة الحكومة على تجاوز هذه المرحلة، فهل ستستغل الأحزاب المعارضة التي ستشرع قريبا في تنسيق خططها لتشكيل تحالفات هذه الصلاحيات لإعطاء المجلس المقبل الحيوية التي افتقدها في السنوات الأخيرة، أم أن العهدة المقبلة ستكون نسخة عن سابقتها، أغلبية تمرر مشاريع الحكومة و معارضة تكتفي بالمواقف الشكلية؟. فالسلطة بتعزيزها صلاحيات المعارضة داخل البرلمان بموجب دستور 2016، من خلال تمكينها من الدعوة إلى جلسة شهرية لمناقشة القضايا السياسية الراهنة، و استحداث لجان تحقيق برلمانية، وهي الآلية التي لم يتم استغلالها بالشكل الذي يجب، منذ اللجنة التي أوكل لها مهمة التحقيق في ما عرف ب"احتجاجات الزيت والسكر" في العام 2011، إضافة إلى إخطار المجلس الدستوري حول مدى مطابقة النصوص القانونية للدستور؛ بمعنى منازعة القوانين التي صوت عليها البرلمان، وتخصيص جلسة شهرية في كل غرفة من غرفتي البرلمان لمناقشة جدول أعمال تقدمه مجموعة برلمانية من المعارضة، تأمل في إعطاء المجلس المقبل الحيوية بمنحه هامش للتنفس السياسي، غير أن الصلاحيات وحدها لن تكون كافية للوقوف في وجه أغلبية، تستعد لعقد تحالفاتها هي الاخرى داخل البرلمان، مشكلة من جبهة التحرير الوطني و التجمع لوطني الديمقراطي، تجمع أمل الجزائر و الحركة الشعبية الجزائرية، و يرى النائب الفائز بعهدة ثانية عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، أن عمل المعارضة سيكون أكثر احترافية من العهدات السابقة، كونه سيهتم بالمضمون السياسي أكثر من المواقف الشكلية، من خلال عمل منظم يتم خلاله استغلال الصلاحيات التي منحها لها الدستور الجديد، و ذلك حسب الملفات و القضايا و فترات طرحها، و لجعل موقف المعارضة اقوى، ستسعى كل مكوناتها للإئتلاف و التنسيق بهدف تحسين نوعية أداء هذا التكتل داخل الرلمان، كما توقع حمدادوش فيما يخص أحزاب السلطة، أنها ستكون وفية لمنهاجها السابق سيما تمرير مشاريع الحكومة، و يعتقد حمدادوش أن " لعنة" الاغلبية ستكون حاجزا أمام المعارضة رغم الصلاحيات الجديدة، و بذلك سيتحمل كل طرف نتيجة مواقفه، من جهته المحلل السياسي سليم قلالة، يرى أن البرمان المقبل لن يكون بيده حل أزمة الجزائر، و توقع أن تكون العهدة مطابقة لسابقتها، في ظل عدم مبادرة الحكومة لرسم خطة واضحة للخروج من الأزمة الحالية خاصة الإقتصادية التي ترتب عنها و سيترتب عنها الإضطرابات الإجتماعية الحادة.