قرر التكتل الأخضر الانضمام والمشاركة إلى هياكل البرلمان، والكف عن قرار المقاطعة الذي تبناه منذ بداية العهدة التشريعية الحالية، مبررا تغير موقفه بتضرر الكتلة جراء غيابها عن هياكل المجلس، الذي حرمها من مراقبة ما يدور داخل الهيئة التشريعية، خصوصا مكتب المجلس. تراجع نواب التكتل الأخضر عن موقف مقاطعة هياكل البرلمان، الذي اتخذه سنة 2012 بعد الانتخابات التشريعية التي وصفها التكتل بغير الشفافة، لذلك قرر عدم المشاركة في الهياكل احتجاجا على تزوير نتائج الانتخابات، وكذا بغرض ترسيخ خيار المعارضة، قبل أن يقف على النتائج السلبية لخيار المقاطعة الذي "حرم التكتل من حق النظر والمراقبة فيما يدور بهياكل المجلس الشعبي الوطني"، فضلا عن تعرض المبادرات التشريعية التي قام بها التكتل ل "الاغتيال والتحكم"، وفق تعبير النائب عن التكتل الأخضر ناصر حمدادوش، الذي قال بأنه أضحى من الطبيعي أن يسترجع التكتل مواقعه للدفاع عن حقوقه والقيام بواجباته، معتقدا بأن القرارات السياسية هي دائما قرارات اجتهادية وتقديرية لا تخلو من الإيجابيات والسلبيات، وهي ليست ثابتة أو دائمة، وأن قرار المقاطعة كانت له مبرّراته السياسية في وقته، من بينها الاحتجاج على تزوير نتائج الانتخابات التشريعية، وترسيخ خيار المعارضة، كأداة من أدوات الضغط على السلطة، في حين إن قيادة التكتل أصبحت ترى اليوم بأنه لم يعد هناك مبرر للمقاطعة بعد تقييم ومراجعة التجربة. وتصر قيادة التكتل الأخضر على ضرورة أن يُفهم قرار المشاركة في هياكل المجلس الشعبي الوطني في سياقه ومساره البرلماني، وأن لا يفسر على أنه تراجع عن خيار المعارضة أو مداهنة الحكومة، "بل سيكون شوكة في حلقها، ويعزّز المعارضة الفعلية وبأدواتها النيابية"، وفق رأي النائب ناصر حمدادوش، معتقدا بأن المشاركة في هياكل البرلمان ستزعج حزبي السلطة أي الأفالان والأرندي، موضحا بأن قرار المشاركة في هياكل البرلمان ليس له علاقة بخيار المشاركة في الحكومة أو المعارضة لها، "وإنما هو استحقاق طبيعي حسب التمثيل النسبي في البرلمان مثل المجالس الأخرى"، علما ان أصواتا داخل التكتل الأخضر كانت تعارض مقاطعة الهياكل، معتقدة بأن ذلك أدى إلى تهميش دوره داخل الغرفة التشريعية، وجعله ك "الأطرش في الزفة"، وأن الأصح هو مقاطعة البرلمان ككل أو ممارسة كافة الصلاحيات التي يخولها القانون للنواب، من بينها مهمة الرقابة على الحكومة، وتقديم المبادرات والدفاع عنها. علما أن التكتل الأخضر اتخذ قرار الكف عن مقاطعة هياكل البرلمان في اجتماع عقده أول أمس، مباشرة بعد انطلاق الدورة الخريفية، التي قد تشهد مناقشة مشاريع مهمة من بينها مشروع تعديل الدستور. ومن المزمع أن يمكن هذا القرار نواب التكتل الأخضر، الذي يضم ثلاثة أحزاب سياسية وهي حمس والنهضة والإصلاح، من تعزيز مواقعه في الغرفة التشريعية، خصوصا في حال تمسك حزبي العمال والأفافاس بمقاطعة هياكل البرلمان، لأن ذلك سيوسع فرص التكتل الأخضر في الحصول على أكثر عدد من مناصب البرلمان، وهي نائب رئيس البرلمان ورئيس لجنة فضلا عن تولي منصب نائب رئيس إحدى اللجان ومقرر، ويتزامن قرار المشاركة في هياكل البرلمان مع المساعي التي يقوم بها التكتل الأخضر في إطار التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي من أجل تحقيق هدف التغيير السلمي.