يعتمد سكان الجنوب الجزائري في نظام حياتهم الفلاحية مشروع "الفقارة"، وهو نظام يستعمل في جانب تقسيم المياه وخلا السنوات الأخيرة عرفت الفقارة تراجعا كبيرا، بالرغم من تقديرات الجيولوجيين الجزائريين الذين أكدوا أن مخزون المياه في الصحراء وصل إلى 50 ألف مليار متر مكعب، بالإضافة إلى بعض المناطق التي تتمتع بوجود مياه جوفية، تخرج من حين لآخر على سطح الأرض على غرار ولاية الوادي والأغواط وغيرها من ولايات الجنوب.طريقة الفقاقير تزود الجنوب بالمياه يعتمد نظام تزويد المياه بطريقة الفقاقير على ترابط سلسلة من الآبار وهي من أقدم الطرق المعتمدة بالجنوب لأجل السقي، عملت منذ سنوات عدة على بناء واحات وقصور كثيرة في تلك المناطق، الأمر الذي جعل وزارة الثقافة تهتم بهذه الواحات والقصور بأصالتها، لتصنفها في سنوات الثمانينات كتراث ثقافي وطني من الواجب حمايته، إلا أنه لغاية اليوم لا يزال حبرا على ورق، وعلى المستوى العالمي فهي بمثابة واحات تحمل أصنافا من التمر الرفيع والتي يزيد عمرها المأتين، وتلك القصور التي تعرف بحلتها البهية لتكون من أهم المعالم الأثرية والسياحية، الفقارة كلمة اشتقت من الفقرة بسبب مظهرها الخارجي تتمثل في تسلسل الآبار على شكل عمود فقري بالإضافة إلى ارتباطه بمناطق لها خصوصيات هي جد صعبة لا سيما صفة القاحل والجفاف، والأمر الذي زاد من تواجد نظام الفقاقير بهذه المناطق توفر عدة عوامل طبيعية وعوامل الهيدرولوجية بالإضافة إلى البشرية والتي ألفت التعامل مع هذه الأوضاع.الفقاقير عامل مهم لاستغلال المياه الجوفية للفقاقير دور مهم في استغلال المياه الجوفية التي تتمتع بها تلك المناطق، لتحمل مجموعة من الحضارات على التقدم والتطور على جميع النواحي والمجالات الاقتصادية والاجتماعية وفقارية وحتى على الصعيد السياسي، خصوصا طريقة الري بعد أن قام أهالي وسكان تلك المناطق بتقنية جذب المياه الجوفية على سطح الأرض عبر قنوات أفقية صنفت فقارة أسفير أو فقارة سيدي عثمان بتيميمون عاصمة قورارة أولى مدن ولاية أدرار، الأولى على الصعيد السياحي والثانية من ناحية الأهمية الاقتصادية والتي قدر حجم استغلالها من قبل السكان بنسبة 90 بالمائة، بالإضافة إلى أنها أقدم فقارة موجودة بالصحراء الجزائرية، يعود تاريخها إلى القرن التاسع الهجري وهي أكبره فقارة بقورارة تتوسط المدينة إلى الوقت الحالي. هذه الفقارة تتكون من نفق أو قناة أفقية جوفية تحت سطح الأرض عرضها من 50 إلى 80 سنتمتر وطولها بين 90 و 150 سنتمتر، بالإضافة إلى مجموعة من الآبار الأرتوازية جاءت في ضفة عمودية تصل إلى المياه الجوفية السطحية، تتباعد بينها لمسافة بين 3 و 12 بأعماق مختلفة كما أن هذه الآبار ترتبط فيما بينها على مستوى القاعدة بالنفق أو القناة قصد الإيصال بينها مع تواجد منحدر طفيف يعمل على تدفق المياه عبر النفق ليخرج من خلال ساقية، وهذه الفقاقير تعرف تغيرات على مستوى طول النفق ليكون من مئات الأمتار وأحيانا يكون بضع كيلومترات، وفي فتحة البئر تجدها محاطة بركام نتج عن عمليات الحفر وعليه يكون سد أمام شرب الرمال وزحفها.الفقاقير ملك مشترك له شرعية وقانون تعد الفقارة ملك مشترك تخضع لأساليب جدية وقوانين شرعية يتصد ضمان الحق والعدل في عملية توزيع المياه فهي تعتمد على حساب من منسوب المياه في الفقارة في كل معتبر يحدث على مستوى المنسوب الأول، ويعمل حاسب الماء أو الكيال والذي ينتخب من طرف أهل القصر بعد النظر إلى نزاهته وأمانته وخصوصا عمله، على تحديد نصيب كل بستان حصته من هذا الماء بواسطة أداة للحساب يطلق عليها اسم "الشقفة" وهي عبارة عن قطعة خشبية أو معدنية بها ثقوب ذات فتحات مختلفة تعمل على تجسيد وحدة المنسوب.الفقارة لم تعد .. الزهو كما كانت يرى الدارسون للفقارة كتراث عالمي، أنه ومنذ قرن تقريبا يعرف النظام تناقصا بخصوص العدد والإنتاج في العالم، فعلى غرار جميع مناطق العالم، الجزائر كان بها ما يزيد عن ألف فقارة موزعة على مستوى قوارارة وتدكلت وتواث بالجنوب الغربي الجزائري، وهذا سنة 1904، والآن سجل وجودة 57 فقارة فقط بتواث وقورارة و 89 فقارة بتدكلت، ووصل عدد الفقاقير التي لم تعد تستعمل إلى 400 فقارة وهي معظمها تتواجد على مستوى المناطق التي تشهد عمليات تنقيب وتعمير والتي تسجل الآن انخفاضا كبيرا في منسوب المياه.