يعاني الحي القصديري بالمرجة المتواجد ببلدية براقي شرق العاصمة، من الحالة المزرية التي يكابدونها داخل بيوت تفتقر لأدنى ضروريات الحياة الكريمة، كالنظافة والماء الشروب الغائبة تماما بالمنطقة، وهي وضعية يصارعها هؤلاء، منذ ما يزيد عن 20 سنة، في سكنات لا تصلح للعيش الإنسان، فأغلبها مصنوعة من طوب وصفيح، لا تقي الحر ولا القر، حيث تتحول إلى أفران خلال فصل الصيف، وما زاد الطين بلة هو غياب الماء الصالح للشرب عن منازلهم، الأمر الذي يضطرهم إلى القيام برحلة بحث يومية عن هذه المادة الضرورية والحيوية التي يكثر عليها الطلب لا سيما خلال فصل الحر، كما أن الوضع لا يقل سوءا في فصل الشتاء، عندما تتحول تلك البيوت إلى غرف للتبريد، ناهيك عن تسرب مياه الأمطار والرطوبة العالية عبر الأسقف والجدران، كل هذه الأوضاع ساهمت في إصابة العديد منهم بأمراض مزمنة كالربو والحساسية، وغيرها من الأمراض، ولعل المتضرر الأكبر من هذه الظروف المزرية هم الأطفال والشيوخ. ومن جهة أخرى، أشار السكان أن العديد من تلك البيوت القصديرية، أصبحت تنذر بالانهيار في أي لحظة، نظرا لهشاشتها وتصدع العديد من جدرانها، وذلك بسبب تأثرها بمختلف الكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد، لا سيما منها زلزال ماي 2003. ومعاناة السكان لا تقف عند هذا الحد، حيث تحدث البعض ممن التقيناهم خلال زيارتنا الميدانية، عن مشكل الإنارة العمومية، فما إن يسدل الليل ستائره على المنطقة، حتى تقتنص جماعات من الشباب المنحرف الفرصة للقيام بمآربها الدنيئة، بالاعتداءات والسرقة والترويج للمخدرات، وسط الظلام الحالك الذي يخيم على الحي، مما حرم المواطنين الخروج ليلا، إلا في الحالات الطارئة، ضف إلى ذلك الانتشار الواسع لأكوام من النفايات، وذلك عبر مختلف أزقة الحي وبشكل عشوائي، في ظل غياب مكان مخصص لرميها، مشكلة منتجعا للحشرات الضارة والحيوانات الضالة، تجوب أرجائها، كما تسبب ذلك في انبعاث روائح جد كريهة. وفي سياق ذي صلة، أكد السكان للجزائر الجديدة، أنهم أودعوا ملفات للحصول على سكنات اجتماعية وذلك في أكثر من مرة، إلا أن انشغالاتهم لم ترى النور إلى يومنا هذا، مشيرين في ذات الوقت إلى مشكل قربهم من واد أوشايح، الذي يمتلئ عن آخره بالأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء، لتهدد بذلك فياضات ذلك الوادي بيوتهم، والتي قد تجرفها في رمشة عين وفي أي لحظة، كان أخرها فيضان سنة 2007 الذي مس البيوت القصديرية المجاورة لها حيث أدى ذلك إلى إصابة رب عائلة وطفل بجروح بليغة، تطلبت نقلهم وعلى جنح السرعة إلى أقرب مستشفى. وأمام هذه الظروف المعيشية المؤذية التي يتخبط فيها سكان الحي القصديري بالمرجة، ويتجرعون مرارتها يوميا، يناشد هؤلاءا السلطات المحلية بالإسراع في ترحيلهم إلى سكنات لائقة بالجنس البشري، أو على الأقل التدخل العاجل بتهيئة وتجهيز ذلك الحي بمختلف مستلزمات العيش، على غرار توفير الكهرباء، الغاز والماء الشروب إلى حين تحقيق حلم الترحيل الذي يبدو بالنسبة إليهم بعيد المنال. وللعلم فإن بلدية براقي تحوي 1607 بيت قصديري أي ما يقارب 26 نقطة متوزعين في كل من حي بيغا1 وحي بيغا 2، حي الرملي ببن طلحة، حي المرجة، وحي الدالة. السلطات المحلية من جهتها وعلى لسان السيد محمد قطاف، نائب رئيس البلدية والمكلف بالشؤون الإجتماعية، أكد للجزائر الجديدة بأن مصالح البلدية قامت بتعيين خمس مراكز لمراقبة هذه الظاهرة، موزعة على مستوى هذه الأحياء القصديرية، وكل مركز يتواجد به قسم للشرطة، قسم مكلف بالشؤون الإدارية، وقسم يمثل الشؤون المدنية وأخيرا قسم يهتم بالجانب الصحي.