- عمرة رمضان ، الحج و تجار «الكابة» وراء ارتفاع أسعار صرف العملة - الخبير الاقتصادي مبتول عبد الرحمن يدعو إلى تنظيم القطاع المصرفي و التوجه نحو الاستدانة العقلانية لا تزال أسعار صرف الأورو تسجل ارتفاعا بالسوق الموازية و التي بلغت أمس حدود 191 دج عند البيع للزبون و ما بين 185 و 190 لدى الشراء تبعا لما أوضحه بعض من باعة العملة الصعب في استطلاع عن أحوال سوق العملات ب«بورصة» شارع الاوراس بوسط المدينة الذين كانت لنا دردشة معهم.
حيث ارجع البعض منهم سبب هذا الارتفاع إلى تقلبات البورصة و أشاروا إلى توقعات باستمرار المنحى التصاعدي للعملات الأجنبية و التي تؤشر لبلوغ سعر صرف العملة الأوربية حدود 200 دينار في غضون الفترة القليلة المقبلة بسبب تراجع قيمة العملة الوطنية ، و أضافوا بأن ارتفاع الطلب أدى إلى زيادة سعر الصرف وفق قاعدة العرض والطلب. و الذي لم يؤثر حسبهم على حجم التداولات ، وأكد احدهم بأن الإقبال على شراء العملات الأجنبية وبالأخص الاورو بلغ مستويات قياسية في الفترة الأخيرة كاحتياطات من قبل الزبائن في حال استمراره في الارتفاع أكثر خلال الأيام المقبلة نتيجة اقتران الفترة بعدة مناسبات لاسيما ما تعلق بعمرة رمضان و الحج وكذا موسم الاصطياف، حيث يلجأ العديد من الأشخاص لاقتنائها بغية قضاء العطلة خارج البلاد هذا فضلا عن الطلبة الراغبين في إكمال تعليمهم بدول أجنبية وعوامل تتعلق بالجانب التجاري أين يفضل تجار الملابس فترة ما قبل رمضان للتنقل إلى تركياودبيوالصين لطلب سلع تصل الجزائر قبل عيد الفطر بفترة، مما يمكنهم من تسويقها و بالنسبة للسيد محمد أحد التجار غير القانونيين لصرف العملة الأجنبية فأوضح بأن الارتفاع المذهل لأسعار الأورو راجع إلى زيادة الطلب عليه في السنوات الأخيرة، خاصة من قبل التجار الذين ينشطون عبر محاور تركياودبي وأوروبا، حيث يقتنون كميات كبيرة تجعل الطلب يرتفع خاصة في أوقات معينة فبين ديسمبر ونهاية فيفري يكون الطلب في أعز ذروته خاصة مع انطلاق التخفيضات في كبرى أسواق دبيوتركيا، ولهذا فالتجار يلهثون لتحقيق أرباح طائلة، وهذا مع الاستفادة من التخفيضات الهامة لأسعار تذاكر الطيران. ونوه إلى انه من بين العوامل التي جعلت سعر 100 أورو يقفز إلى 19 ألف دج بعد أن كان في حدود 18200 دج، ارتفاع الأسعار و بقاء وتيرة الاستيراد المرتفعة من الصين الشعبية. فضلا عن مواسم الحج والعمرة التي يتزايد فيها الطلب على العملة الصعبة خاصة مع ارتفاع عدد المعتمرين والحجاج، فكل هذه المعطيات مهمة لمحتكري أسواق العملة الصعبة في الجزائر، الذين بإمكانهم أن يتزودوا بسهولة بمعلومات ضخ وسحب العملة ممّا يضمن أرباحا عالية، ناهيك عن كون بعض وسائل الإعلام التي تروج – حسبه- لشائعات ارتفاع العملة و زيادة الإقبال فتصبح حقيقة ، وهو ما يجعل الطلب يرتفع بطريقة مذهلة مثلما ما حدث في نهاية شهر جانفي أين ارتفع سعر ورقة 100 أورو إلى 189 ألف دج ، ومنذ ذلك التاريخ والأسعار مستقرة عند مستوى 19 ألف دج مقابل ورقة 100 أورو. يأتي هذا في الوقت الذي أشار فيه بعضهم الآخر إلى أن الأسعار لم تعرف أي انخفاضا منذ ما يقارب السنة بل هي مستقرة و أحيانا مرتفعة و أن ارتفاع سعر صرف الأورو لا علاقة له بالمناسبات و هو مرشح إلى الارتفاع أو الانخفاض تبعا لمؤشرات السوق الدولية للنفط. غياب مكاتب صرف معتمدة عبر الموانئ و المطارات ضاعف ارتفاع قيمة العملات و من جهة أخرى تطرق بعض الزبائن المغتربين الذين صادفناهم بصدد تحويل العملة إلى المشكل الذي لا بد أن يتم أخذه بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية و المتعلق بإيجاد حلول لغياب مكاتب صرف رسمية على مستوى الموانئ و المطارات لتسهيل مهمة تحويل العملية خاصة بالنسبة للأجانب الذين يجهلون أماكن الصرف و التي يتواجد اغلبها في السوق السوداء و التي من شأنها أن تنظم السوق و تحافظ على استقرار الأورو ، و أشاروا أيضا إلى أن السياح والمعتمرين و المتعاملين الاقتصاديين هم من أكبر المتضررين جراء غياب هذه المكاتب لا سيما في ظل إقبالهم الكبير خلال هذا الموسم لتحويل الدينار إلى عملات أجنبية الأمر الذي زاد من الطلب مقابل العرض ، حيث تفرض عليهم الظروف اقتناء العملة الصعبة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة عن السوق الرسمية. الفرق بين سعر صرف الأورو في السوق السوداء و البنوك يصل إلى 33 دينارا. وحسب جدول أسعار صرف العملات في البنوك فإن سعر الصرف ل 1 اورو في البنوك يساوي 124 دينارا جزائريا، غير أن الأغلبية من الزبائن يضطرون للشراء من السوق السوداء لأن البنوك الجزائرية لا تبيع العملة الصعبة للمواطنين دون مبرر قانوني، بل تبيع فقط للمستوردين والمسافرين، أما المواطنون فتشتري منهم فقط ليقدر بذلك الفرق بين سعر صرف الأورو في السوق السوداء و البنوك ب 33 دينارا. ارتفاع الأورو مرتبط بحجم الإنتاج و الانتاجية، و كالات السفر، و المتقاعدين الفرنسيين المتوفين وفي هذا السياق أرجع الخبير الاقتصادي مبتول عبد الرحمن في تصريح خص به جريدة «الجمهورية» أسباب ارتفاع الاورو مقارنة بالدينار الجزائري إلى عدة أسباب تتعلق بانخفاض سعر الأورو مقارنة بالدولار في السوق الدولية، مما انعكس على صرف العملة الصعبة في الجزائر، و كذا إلى الفرق في العرض و الطلب و ارتباطه بالإنتاج و الانتاجية و الذي له علاقة مباشرة بارتفاع أسعار صرف العملة الصعبة مما يستدعي بعث النشاط الصناعي و إعطاء أهمية لقطاعات السياحة والفلاحة والتكنولوجيات الجديدة للنهوض بالاقتصاد الوطني ، و دعا إلى ضرورة البحث عن موارد جديدة للجباية خارج النفط والمحروقات لإحداث توازن في ميزانية الدولة لاسيما و أن 97 بالمائة من الصادرات من مجال المحروقات و هذا منذ أكثر من 50 سنة ، و إطلاق حملة لطمأنة المواطنين بشأن سياسة سعر الصرف المتبعة من قبل السلطات النقدية ممثلة في بنك الجزائر. و نوه في سياق حديثه أيضا إلى أن ارتفاع الاورو له جانب مرتبط بالمتقاعدين الجزائريين و المتوفين مؤخرا و الذين كانوا يتقاضون منح التقاعد من فرنسا بالعملة الصعبة و يقومون بتحويل أموالهم إلى الجزائر لصرفها بالدينار الجزائري هذا إضافة إلى وكالات السفر التي تقوم مباشرة بتسديد فواتير الإقامة للزبائن بفنادق الدول الأجنبية مما يجعلها تتوجه إلى السوق الموازية للصرف . إلى جانب ذلك أكد المختص على ضرورة إصلاح المنظومة المصرفية و الإدارة لمواجهة الأزمة النفطية وأوضح بأنه قدم اقتراحات للوزير الأول من أجل الذهاب إلى الاستدانة الخارجية بصورة عقلانية و الموجهة للقطاعات المنتجة و التي تخلق ثروة دائمة و التي اعتبرها بالمطلوبة في الوقت الحالي في ظل الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد و الناجمة عن تهاوي أسعار النفط في السوق الدولية و هذا حتى لا تستنزف احتياطات الصرف الخارجي. وأضاف أن قيمة الدينار مرتبطة ب 70 بالمائة من هذه الاحتياطات موضحا أن انخفاض قيمة احتياطات الصرف الخارجي للبلاد سيؤدي ذلك إلى خفض قيمة الدينار . هذا و نشير إلى أنه رغم أن القانون الجزائري يجرم بيع العملة الصعبة بطريقة غير قانونية، و يعاقب هذه الممارسات بالسجن من سنة إلى عشر سنوات إلا أن السوق السوداء للعملة الصعبة تبقى هي المتحكم الأول في تداول العملة أمام غياب المراقبة و تطبيق الإجراءات الردعية .