خلق الله تعالى الإنسان واستخلفه في الأرض، وكي تستقيم حياته فيها هيأ له الشروط اللازمة لذلك، كما رسم له الطريق والمنهج الذي يسير عليه ليصل إلى بر الأمان، فبعث الله تعالى الأنبياء بعقيدة التوحيد، فقال تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ اِلاَّ يُوحَىآ إِلَيْه أنَّهُ لآَ إِلَهَ إِلآَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ(25)﴾[سورة الأنبياء]، وكان الرسول صَلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين أيده الله بالقرآن الكريم الكتاب الجامع لفضائل ما تفرق في كتب السابقين من النبيين متضمنا الميادين الآتية: 1. العقيدة 2. العبادة 3. الشريعة 4. الأخلاق أولا: في مجال العقيدة العقيدة هي الأمور التي يدين بها المسلم يصدقها بقلبه و تطمئن إليها نفسه، والإسلام جاء بعقيدة التوحيد السليمة من أي شرك، وألغى كل العقائد المحرفة، يقول تعالى: ﴿...فَمَنْ يَّكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُومِنم بِاللَّهِ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىا لاَ اَنفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)﴾[سورة البقرة].والعقيدة الصحيحة تقتضي التوحيد الصادق لله تعالى الذي يتجلى بالإيمان أن الله هو الخالق لجميع المخلوقات وهو رازقها وهو المنفرد بتدبير الكون، وبإفراد الله بالعبودية و الاستغاثة به والتوكل عليه... وكلما قويت العقيدة تحرر الإنسان من قيود الشهوات والشبهات. ثانيا: في مجال العبادة العبادة مقصد الخلق يقول تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(56)﴾[سورة الذاريات]، وعبادة الله تكون بما شرع، هذا التشريع الذي يتضمنه الوحي الطاهر بشقيه: القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومثال ذلك عبادة الصلاة شرعت في القرآن الكريم والسنة النبوية إلا أن السنة النبوية فصلت في أحكامها. إن العبادات شرعت تحقيقا لمقاصد مختلفة، منها تزكية النفس و ضبط سلوك الإنسان... ثالثا: في مجال الشريعة يضبط الإسلام حركة الإنسان في جميع مراحل حياته ومناحيها، فبالنسبة لمراحلها فقد شرّع الإسلام أحكاما وهو في بطن أمه إلى أن يوارى الثرى، فللجنين الحق في الميراث، و للحامل رخصا شرعية حفاظا عليها وعلى جنينها، وبعد الميلاد شرع سننا لاستقبال الوليد، ثم شرع له الرضاع لمدة معينة من أجل الحفاظ على صحته، ثم ترافقه أحكام شرعية أخرى في جميع مراحل حياته وفي جميع المجالات: الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية... هذه الشريعة الغراء أوجب الله تعالى النزول عند حكمها في قوله: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىا شَرِيعَةٍ مِّنَ الاَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعَ اَهْوَآءَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ(18)﴾[سورة الجاثية]. ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُومِنُونَ حَتَّىا يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)﴾[سورة النساء]. رابعا: في مجال الأخلاق و التزكية أولى الإسلام أهمية بالغة للأخلاق الفاضلة إذ بها يكتمل بناء الفرد المسلم ويصبح صالحا مفيدا لمجتمعه وأمته وقد أثنى الله تعالى على نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلىا خُلُقٍ عَظِيمٍ(4)﴾ [سورة القلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)[رواه الإمام مالك في الموطأ]. حتى يتسنى إدراك أن الإسلام منهج حياة لابد من دراسة كتاب الله تعالى و تدبره لأنه يحوي أسرار الحياة، ودراسة سنة النبي صَلى الله عليه وسلم لأنه هو المطبق الأول للوحي الطاهر قرآنا وسنة، وقراءة سير الصحابة عليهم رضوان الله فهم من مدرسة الرسول صَلى الله عليه وسلم، وسير التابعين والصالحين لأنهم جسدوا الإسلام في حياتهم كلها.