أكد الدكتور زكي محمد عثمان، أستاذ ورئيس قسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، أن نزول القرآن الكريم في الجزيرة العربية يمثل جانبا من جوانب الإعجاز القرآني، ويؤكد أن هذا الكتاب نزل من عند الله سبحانه وتعالى، وأنه ليس من كلام البشر، موضحاً أن الجزيرة العربية هي مركز الكون ونزول القرآن فيها يساعد على انتشار الإسلام في مختلف دول العالم. وقال في ندوة عن “مكانة الأخلاق في الإسلام” أن لدى العرب عقولا مستنيرة تستطيع أن تعقل أن أول عوامل التقدم التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هي “اقرأ باسم ربك الذي خلق” مشيراً إلى أن كلمة “خلق” مجهولة لكي يتفكر الإنسان ويتبحر في جميع خلق الله، وهذا يؤكد أن العلم من أهم أساسيات الإسلام فهو دين العلم، وأضاف أن الله تعالى أراد التعادلية والوسطية لهذه الأمة الإسلامية، والدليل على ذلك أن سورة البقرة المكونة من 286 آية جاءت الآية 143 من هذا السورة لتؤكد وسطية الأمة قال تعالى:” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً”، معربا عن أسفه لأن الأمة الإسلامية غفلت عن هذه الحقيقة. وأشار عثمان إلى أن هناك خمس علاقات لتأسيس الأخلاق والتربية الإسلامية الكريمة أولها: علاقة الإنسان بخالقه جل وعلا، وهي علاقة عبادة قال تعالى:” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، وثانيها: علاقة الإنسان بالكون، وهي علاقة تسخير، وحينما يسخر الله تعالى الكون للإنسان فينبغي أن يحافظ عليه ولا يفسد البيئة ويلوثها.. وهذا يحتاج منا إلى نشاط. وثالثها: العلاقة بين الإنسان وبين أخيه الإنسان، وهي علاقة عدل وإحسان، ولكن للأسف أصبحت هذه العلاقة علاقة ظلم وإساءة رغم أن الله تعالى يأمر بالإحسان. ورابعها: العلاقة بين الإنسان والحياة، وهي علاقة امتحان وابتلاء واختبار، لذلك لا ينبغي أن يكتئبا الإنسان أو ييأس. وإذا حدث ضيق في صدر الإنسان أواكتئاب لأي سبب فإن التسبيح والحمد والسجود والعبادة أربع وسائل قرآنية لعلاج الاكتئاب. وخامسها: العلاقة بين الإنسان والآخرة، وهي علاقة مسؤولية. وأضاف أن الحديث النبوي الشريف “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” يؤكد وحدة الرسالات السماوية، وخلود رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فالأنبياء ال 25 الذين ذكروا في القرآن الكريم و124 ألف نبي ورسول لم يذكروا في القرآن كل نبي، منهم كان يدعو إلى الأخلاق التي عندما افتقدناها افتقدنا علاقات كثيرة. وأكد أن الفصل الغربي بين الدين والأخلاق لا يقره الإسلام، فالسيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالت: كان خلقه القرآن، موضحا أن كل سورة من سور القرآن تمثل نموذجا لقيم كريمة نحن في احتياج إليها الآن كأفراد وشعوب وبلاد وأمم، وقال إن الأخلاق المبنية على القدوة والإستقامة الموجودة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ تأتي لتأكيد التوجيه الإلهي للنبي بعد أن ذكر له 18 نبيا في سورة الأنعام، فالقدوة والأسوة الحسنة هما ضرورتان هامتان في سلوك وأقوال وتصرفات الناس. وفي سورة الأحزاب يقول الله تعالى:” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً”، مؤكدا أن الإنسان الذي يرجو الله واليوم الآخر لا يمكن أن يتصف بسوء الأخلاق. فالذي ينجي الإنسان هو المعيار الخلقي المرتبط بالإيمان ارتباطا وثيقا.