مرات أنا لا أسمع ولا أتكلم ولا أرى، لكن أكتب حينما أسمع خيالي،وأرى حقيقة حروفي ،وتتكلم نيابة عني حروفي ، فهل أنا معاق عند ما يسمى بعالم الواقعيين ، هل تليق بي منحة المعاق ،مع أن الكتابة تجعلني كاملا،يكفيني أني أجلس على كرسي متحرك رسمه لي الواقعيون الذين جلسوا وتناقشوا وقرروا بأنني معاق أعيش في دواليب خيالي ،لكن يبقى الشرف كل الشرف أن قصور خيالي ترى الواقعيين أنهم معاقين ، فأنا وزير وملك ورئيس وإمبراطور على عرش مملكتي الخيالية التي تحمل هموم الكون ،أرسم الحياة كما أريد ، وأصنع للعالم قصصا لم يفكروا أبدا أنها من الممكن أن تكون حصلت على أرض الواقعيين، قانوني هو الحب ، وديني هو التسامح ، ونظريتي هي الحقيقة ،فتقاليد قصوري الخيالية ديمقراطية بامتياز فهي تتفهم إعاقة الواقعيين، وتتفهم مشكلتهم الذهنية في عدم فهمهم حروف الشعراء،وقصص الروائيين ، وفنانين الخواطر بامتياز، رغم أن أرض الواقع تحمل من يقدس الكلمات سواء كان كاتبا أو عاشقا للكلمات . الكتابة تحمينا من إعاقة الواقعيين، تحمينا من الخوف، فحاملي الكلمات يوميا يواجهون أشد الصعوبات، لكنهم لا يخشون المواجهة ، هناك قوة ما وراء الحروف حين تكون صادقة ولا تكون صفراء ، فالشاعر يرتاح نفسيا وراحته لا توجد عند أي غني أو صاحب مال من أي نوع ، كلماته بمثابة دواء لأكبر داء للحياة عند الواقعيين وهي الملل وكسر الخوف ورد التهديد بطرق حضارية ،و الروائي يحمل في حياته ما لا يوجد عند أحد ،فهو بمثابة وزير للخارجية الخيال عند الواقعيين، يجعل العالم الواقعي يرى إبداعه وقدرته التي لا تنتهي، والجميل أن عالم الرواية تعزز بوجوه شابة منيرة لها مستقبل في الكتابة ، جعلت من الإبداع شعارها الوحيد،ومصمم الخواطر كلماته بمثابة جنة رومانسية،عطرها السعادة ،وشمسها الحب وبستانيها الهوى ،وبحارها الحب، هي كلمات تحمل جنة الله فوق أرضه،كثيرا ما تغني العشاق برمزيات مصممين الخواطر، وكثيرا ما ذكر المهمومون أقوالا لروائيين وضعوها لشخصيتهم،وكثيرا ما غنى المطربون كلمات لشعراء زلزالوا بها العالم ، فهل بعد أن اتضح أن الكون يسير بالكلمات أصبح أصحابها معاقين يا أصحاب الواقع الذي لا يظهر النور ولو بشمعة في عز النهار. الكتابة تبقى كتابة ولو حولها إلى نكت ظريفة ، فهي أكيد ستفسر واقعهم المر ، وعيشتهم الضنكاء ، وفكرهم الغريب، لأنها ستعيش ولو تمشي بشوارع جهنم ،وتحيى مهما طالت جنتها، الكتابة خالدة ولا تموت .