لا يخلو أي متحف في العاصمة بكين من صور للمقاومة الجزائرية وللقاءات القيادات قبل وبعد الاستقلال، ممثلة في شخص الرئيس الراحل هواري بومدين أو الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة والذي كان يشغل منصب وزير الخارجية ومساهماته في استرجاع الصين لمكانتها داخل منظمة الأممالمتحدة عام 1971. كانت لي فرصة زيارة الصين وبالتحديد العاصمة بكين، وبعض المقاطعات التي تتواجد بها الأقلية المسلمة في هذا البلد العملاق في وقت مضى، ولمسنا خلال تواجدنا هناك قوة العلاقات التي تربط بين البلدين سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا وإجتماعيا، الكثير من الصينيين هجروا بلدهم من أجل الاستقرار بالجزائر والعمل بأكبر المشاريع والهياكل الاقتصادية، وهو نفس ما اختاره الكثير من الجزائريين الذين اختاروا أن يجعلوا من الصين بلدهم الثاني من خلال العمل أيضا في أكبر المؤسسات والشركات والتلفزيونات، جالية متبادلة .. ثقافة متبادلة ومصير ومستقبل مشترك ينتظر العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين. لذا يصف معظم المتتبعين للعلاقات الجزائريةالصينية بأنها أقوى وأرقى العلاقات على الإطلاق، ومع بداية القرن الحادي والعشرين تعمق التعاون بين الصينوالجزائر أكثر فأكثر في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية . ويجمع الكثيرون على أنّ وصول العلاقات الجزائريةالصينية إلى المستوى الإستراتيجي الحالي سببه الخلفية التاريخية ومرجعياتها السياسية حيث كانت الصين دعما للجزائر أثناء حرب التحرير، وكانت الصين مستهدفة أيضا من طرف المعسكر الرأسمالي من خلال حصار السواحل الشرقية الصينية انطلاقا من تايوان، أي أن الجزائروالصين كان يجمعهما مصير واحد ، إلى ما قبل تحرير الجزائر وتأسيس الدولة الديمقراطية الشعبية، حيث أيّدت الصين الشعبية نضال الشعب الجزائري وكفاحه المشروع من أجل تحرير وطنه. وساندت الصين جبهة التحرير الوطني الجزائرية في نضالها من أجل التحرر وفي سبتمبر من عام 1958 اعترفت الصين بالحكومة الجزائرية المؤقتة بعد تأسيسها مباشرة، وبذلك أصبحت الصين إحدى الدول التي أرست العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر في وقت مبكر جداً. وسبقت الجزائر كل الدول العربية للاعتراف بالصين الشعبية وإقامة العلاقات معها، كما وقفت الصين مع الجزائر أثناء المحن والأزمات ووقوع الكوارث . وتعمل حالياً عشرات المؤسسات الصينية الكبيرة في الجزائر وفي كل مجالات الاستثمار والتجارة والاقتصاد والبناء . واكتملت دائرة التعاون بين الجزائروالصين مع تتويجها بإعلان البلدين في فيفري 2013 الإرتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في 20 ديسمبر 1958، وتستحوذ الشركات الصينية العاملة في الجزائر على استثمارات فاقت 20 مليار دولار تشمل البنية التحتية والمنشآت الكبيرة.