قطعت جمهورية بنما، الواقعة في أمريكا الوسطى، علاقاتها القائمة منذ زمن طويل مع تايوان، وأقامت عوضا عنها علاقات مع الصين، وذلك في نصر دبلوماسي مهم لبكين. ربما تكون هذه أقسى ضربة تتلقاها تايوان منذ بدء تدهور علاقاتها مع الصين في العام الماضي. ولكن ينبغي أن نفهم أن نجاح الصين في استمالة بنما سببه سياسي وليس اقتصاديا، فقد كان بامكان الصين ان تواصل الاستثمار في بنما دون ان تكون لها مع ذلك البلد علاقات رسمية. في ذات الوقت، يبدو أن الصين قد ضاقت ذرعا بتساي إنغ وين التي تشك القيادة الصينية بأنها تحاول فصل تايوان عن الوطن الأم سياسيا واقتصاديا بهدف اعلان استقلالها في نهاية المطاف. ولذا قررت الصين تشديد الضغط على تايوان، إذ أوقفت الحوار مع ادارة الرئيسة تساي وخفضت عدد السائحين الصينيين الذين يسمح لهم بزيارة تايوان. كما تبذل جهودا في سبيل اقصاء تايوان من التجمعات الاقليمية والدولية. قد تؤدي سياسات بكين هذه الى تعزيز المشاعر المعادية لاعادة توحيد الجزيرة مع الصين في تايوان، ولكن بكين ترى أن عدم خسارة تايوان يشكل جزءا اساسيا من شخصيتها الوطنية ولذا فهي مستعدة للمخاطرة. ولكن اذا استمر الجمود الحالي، تخاطر تايوان بأن تشهد المزيد من العزلة السياسية والاقتصادية. وقالت الحكومة البنمية في بيان إنها تعترف بوجود صين واحدة فقط، وانها تعتبر تايوان جزءا منها. من جانبها، عبرت تايوان عن غضبها وأسفها لهذه الخطوة، واتهمت بنما بالتنمر عليها. يذكر أن الصين تعتبر تايوان إقليما متمردا، وتتعهد باعادته بالقوة اذا اقتضت الضرورة. ولا تحتفظ إلا حفنة من الدول بعلاقات مع تايبيه بدلا عن بكين، وتعد بنما الدولة الأخيرة التي تتخذ خطوة التخلي عن علاقاتها مع تايوان لصالح اقامة علاقات مع الصين. ففي ديسمبر من العام الماضي، خطت دولة ساو تومي وبرينسيب الإفريقية خطوة مماثلة. وبذلك، لا تقيم الآن إلا 20 دولة علاقات دبلوماسية مع تايوان. وكانت الصين في السنوات الأخيرة كثفت استثماراتها الاقتصادية في بنما التي تمر بها قناة بنما الحيوية اقتصاديا والتي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ. وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان إنها عبرت عن غضبها وأسفها لما وصفتها بالخطوة الدبلوماسية غير الودية التي خطتها بنما التي خضعت لمصالحها الاقتصادية من قبل سلطات بكين. واتهمت الخارجية التايوانيةبنما بالتنمر على تايوان، وتجاهل الصداقة التي ربطت بين البلدين لسنوات عديدة، مضيفة أنها لا تنوي التنافس مع سلطات بكين في سباق دبلوماسية المال. وكانت الرئيسة التايوانية تساي إنغ وين زارت بنما في جوان من العام الماضي فقط في أول زيارة دولية تقوم بها بعد انتخابها. وعقب إعلان بنما قطع العلاقات، نشرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية صورا لوزيري خارجية البلدين فى بكين يوقعان على وثيقة إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما ويرفعان الأنخاب.