تتعدد لغة الحوار في مسرح الهواة بالجزائر بين استعمال اللغة العربية الفصحى من جهة و اللهجة الدارجة من جهة أخرى ، إضافة إلى استخدام كثير من الفرق المسرحية الهاوية اللغة الأمازيغية وكذا اللغة الفرنسية ، وما لا عد له من اللهجات المحلية التي تزخر بها مختلف المناطق الجزائرية. و الحقيقة أن هذا التنوع في لغة الحوار يعكس الطابع الشعبي للمسرح الجزائري ، وهو تقليد موروث منذ نشأة هذا المسرح و ظهور أولى تجاربه التأسيسية على يد رواده الأوائل من أمثال علالو و رشيد قسنطيني و محي الدين باش تارزي الذين استخدموا اللهجة العربية في حوار مسرحياتهم و هو الاختيار الذي استمر فيما بعد في إنتاجات الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني خلال الثورة التحريرية ، بينما استخدم كتاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين اللغة العربية الفصحى مع محمد العيد آل خليفة و محمد الصالح رمضان ، في حين وظف كاتب ياسين اللغة الفرنسية في حوار مسرحياته منذ * الجثة المطوقة * و * الأجداد يزدادون ضراوة * قبل أن يميل إلى استخدام اللهجة الدارجة في عموم مسرحياته بعد الاستقلال. و الملاحظ أن إشكالية لغة المسرح في الجزائر كثيرا ما نوقشت في مختلف المهرجانات و الملتقيات المسرحية، و هي عادة ما تناقش انطلاقا من اعتبار المسرح فنا مادته الكلمة، أي أن الكلمة هي وسيلة الخطاب المسرحي ووسيلة الاتصال مع المتفرج، و ضمن هذا الإطار المرجعي طرحت هذه الإشكالية من خلال عدة زوايا فكان هناك ثلاثة اتجاهات أساسية تعاملت مع هذا الموضوع و طرحت وجهة نظرها و رؤيتها: دعاة الدارجة: يعتبر هذا الاتجاه اللهجة الدارجة هي أحسن و أصلح وسيلة لغوية قادرة على التعبير و التواصل مع المتفرج و ذلك انطلاقا من ثلاث زوايا أساسية: أ زاوية إشكالية المتفرج: إن الممارسة المسرحية لا يمكن أن تقوم إلا بوجود شرطين أساسيين هما [ العرض و الجمهور]، لذلك كان من الواجب على رجل المسرح طرح إشكالية المتفرج باعتباره شرطا أساسيا لتحقيق أسس الخطاب المسرحي * مرسل مرسل إليه رسالة*. و ما دامت الممارسة المسرحية تهدف إلى خلق نوع من التواصل بين العرض و الجمهور فلقد كان من الواجب على المرسل التعرف على المرسل إليه من كل الجوانب الحضارية و منها جانب اللغة و أداة التعبير و التواصل التي يفترض أن تكون متشابهة حتى تكون مفهومة. و لقد كان من نتائج هذا التعرف أن توصل رجل المسرح الجزائري إلى أن المتفرج الجزائري لا يستسيغ اللغة العربية الفصحى بل و لا يفهمها، و إن في التاريخ ما يزكي هذه الحقيقة، حيث إن المتفرج الجزائري كان دائما يعرض عن المسرح الذي يتخذ اللغة الفصحى وسيلة في خطابه و مثال ذلك إعراضه عن مشاهدة عروض فرقة جورج أبيض التي زارت الجزائر سنة 1921 ، وقدمت مسرحيتين هما * صلاح الدين الأيوبي* و * ثارات العرب*. بينما كان تجاوب هذا المتفرج شديدا مع المسرح الناطق بالدارجة مثل عروض علالو و رشيد قسنطيني و باش تارزي... إلخ، مما جعل الدارسين يؤكدون على أن ولادة المسرح الجزائري كانت شعبية. كما أن التجربة المسرحية الجزائرية و منذ تأسيس المسرح الوطني سنة 1963 إلى اليوم تؤكد هذه الحقيقة، حيث فشلت جلّ العروض المقدمة باللغة العربية في الوقت الذي نالت فيه العروض المقدمة باللهجة الدارجة نجاحا وطنيا وعربيا .