وقعت على عريضة تطالب باستعادة هذه الهياكل العظمية رفقة المؤرخ محمد حربي اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتعذيب وقتل موريس أودان قرار جريء حرب التحرير الجزائرية لم يتم توثيقها كلية ولا تزال الكثير من الوقائع تحتاج إلى دراسات ونقاشات يعد الباحث والمؤرخ الفرنسي البارز بنجامين ستورا، من بين المثقفين العالميين الملتزمين، الذين يمثلون ذلك الضمير الحي والفكر المستنير، الذي يسخر دائما بحوثه ودراساته، لكشف حقيقة وفظاعة جرائم الاستعمار الفرنسي في بلادنا، وآخرها مرافعته في الحوار الحصري، الذي أجرته معه جريدة *الجمهورية*، من أجل إسراع السلطات الفرنسية، في إعادة جماجم المقاومين الجزائريين، الذين قتلوا بدم بارد ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي، مؤكدا أنه من حق الحكومة والشعب الجزائري، المطالبة، باسترجاع هذه الهياكل العظمية، باعتبارها ذاكرة وطنية مسلوبة، كما تحدث في هذا الحوار عن اعتراف فرنسا بتعذيب وقتل المناضل وصديق الثورة الجزائرية موريس أودان، واصفا القرار بالجريء والمهم، لاسيما بعد 60 سنة من التماطل والنسيان. الجمهورية: هل تعتقد أن حرب التحرير الجزائرية، تم توثيقها جيدا من قبل المؤرخين، أم لا تزال الكثير من الأحداث والوقائع تحتاج إلى المزيد من الدراسات التاريخية لتسليط المزيد من الضوء عليها؟ بنجامين ستورا : هو عمل دائم، ولا يتوقف عن الاستمرار، التاريخ ولحسن الحظ ليست رسمية ولا تنتهي، لأنه لو يتوقف فإنه يصبح تاريخا رسميا، هناك العديد من الأحداث التاريخية التي يجب استكمالها دون توقف، تطويرها على قاعدة جماعية، بالتواريخ والشخصيات، وقائع، وأرشيف جديد، واكتشافات جديدة، من خلال فتح نقاشات وانتقادات عبر مختلف وسائل الإعلام والجامعات ومراكز البحث، وهذا على غرار الكثير من الثورات في العالم، فمثلا الثورة الفرنسية وبعد أزيد من 200 سنة، لا تزال إلى اليوم محل نقاش وبحث من قبل المؤرخين، حيث هناك من هو معها وهناك من هو ضدها، والأمر سيان بالنسبة للثورة الجزائرية، حيث نحن فقط في البداية، حيث لا يزال هناك نقاش حول الشخصيات والوقائع، وهذا أمر طبيعي لأن المرحلة مصيرية، بل ومرحلة قطيعة، وخلال هذه المراحل توجد تناقضات وعوالم تختفي، وأخرى جديدة تظهر، وفي هذه الحالات الاستثنائية توجد صعوبات في كتابة التاريخ، مثلا بالنسبة للثورة الفرنسية، فيه فيلم جديد تم عرضه مؤخرا بعنوان :* الشعب وملكه *، وقد أثار هذا الفيلم سجالا كبيرا من قبل المؤرخين بين مؤيد ومعارض له، وهذا الأمر يؤكد ما قلته سابقا أن الأمر لا يتوقف. لماذا تماطل الحكومة الفرنسية في تسليم جمجمات المقاومين للسلطات الجزائرية ؟ صراحة ليس لدي علم بهذا الأمر، ما أعلمه أني وقّعت على عريضة، وقد تم تسليمها، لكن بخصوص حجم مسؤولية الجانب الفرنسي والدولة الجزائرية، ليس لدي أية تفاصيل بخصوص تقدم هذا الملف.. ماذا يحدث برأيكم ولماذا تأخرت عملية التسليم ؟ أنا لست رجل سياسي، كما أني لست على هرم الدولة.. ولكن كمؤرخ كيف تحلل هذا الأمر من الناحية العلمية ؟ ما أعلمه أن هناك مؤرخ جزائري، يدعى علي فريد بلقاضي، هو من طالب في ماي 2011 باسترجاع هذه الجمامجم، وقد تم إطلاق عريضة للتوقيع عليها والمطالبة بتسليم هذه الهياكل، الموجودة حاليا، بمتحف *الإنسان* بباريس من بينها جمجمة الشهيد الشيخ بوزيان، وهذا الأمر أحدث غليانا شعبيا للمطالبة باستعادتها، وجهود سياسية لحل هذا الملف.. هذا ما في حوزتي من معلومات. وماذا بخصوص هذه العريضة وكم وقع فيها من شخص ؟ عليكم أن تسألوا صاحبها.. هل وقعت عليها ؟ أنا وقعت عليها.. معذرة على المقاطعة.. ولماذا وقعت عليها ؟ وقّعت عليها لأن الأمر ضروري، ومن حق الجزائر أن تسترجع تاريخها وذاكرتها الوطنية، على غرار باقي البلدان الإفريقية.. أنا أظن بخصوص المتاحف الإفريقية، من الضروري، استرجاع ملكيتها على مختلف الكنوز الموجودة في المتاحف الفرنسية، وتم سلبها طيلة التاريخ الكولونيالي والحروب التي شنتها فرنسا في الماضي، ضد هذه الدول الإفريقية. وأنا صراحة مع استعادة جماجم المقاومين الجزائريين، وإن كان الأمر يتم حاليا من خلال مفاوضات، وأشكال تطبيقية للتسريع في عملية تسليم هذه الهياكل العظمية للدولة الجزائرية. ما هو تعليقكم بخصوص اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتعذيب واغتيال مناضل وصديق الثورة الجزائرية موريس أودان ؟ هذا الأمر مهم جدا، كانت هناك معركة دامت أكثر من 60 سنة، من قبل العديد من المثقفين والسياسيين الفرنسيين، على غرار بيار فيدال ناكي، صاحب كتابي *قضية أودان* و*التعذيب داخل أسوار الجمهورية*، حيث أشار المؤرخ الفرنسي إلى تورط الجنرال الفرنسي بول أوساريس، الذي اعترف سنة 2000 بأنه *ليس نادما ولا يشعر بالأسف* إزاء ارتكابه عمليات تعذيب خلال حرب الجزائر، وأندري علاق الذي كتب *السؤال* عام 1958، وكشف شهادات حية عن أعمال التعذيب في الجزائر بالرغم من إسراع سلطات الاحتلال الفرنسي لحجزه، وهنا يتبين لنا أنه كان هناك أخذ ورد وشعور بأن هذه الحادثة كانت في طي النسيان، ولا أحد اهتم بها، وعائلة أودان كانت بمفردها ومعزولة، وأنا كنت باقيا في لجنة أساتذة الرياضيات، لأن موريس أودان كان مختصا في الرياضيات، وكان لدي صديق حميم اسمه جيرارد ترونال كان يقطن بجواري، وكنت ألتقي به بانتظام، وكنا في لجنة أساتذة الرياضيات منذ حوالي 5 سنوات، والتقينا في عدة مرات، ولاحظنا أن عائلة أودان كانت منسية. متى وقعتم على هذه العريضة ومن هي الشخصيات التي وقعت معك عليها ؟ في جانفي 2012 وقعنا على العريضة، مع المؤرخ الجزائري المعروف محمد حربي، وطلبنا بفتح أرشيف موريس أودان، وأرسلناها إلى الرئاسة الفرنسية، ولكن لم نحصل على أي رد، وحتى عائلته أرسلت عدة رسائل لكن لا حياة لم تنادي، ولكن الأمور تسارعت، بالزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس فرانسوا هولاند إلى الجزائر العاصمة، حيث دشن ساحة موريس أودان بالعاصمة، وتطورت الأحداث، لتعيش عائلته تطورا لافتا في الأحداث، بالنظر إلى الإرادة السياسية للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون الذي أقر رسميا بتعذيب وقتل موريس أودان، واعترف بالجريمة وقال ما دام حدثت لا يمكننا إلا الاعتراف بها.. كيف تصفون هذه الخطوة التي أقدم عليها مؤخرا الرئيس ماكرون ؟ لا يمكن وصفها إلا بالخطوة الجريئة، لأنه انطلق من وقائع حدثت فعلا، كما أنه لا ينتمي لجيل حرب التحرير، حيث أنه لا يبلغ من العمر سوى 40 سنة فقط، وهو لا يرتبط لا من قريب ولا من بعيد مع هذه الواقعة، وقالها بصراحة :* ما دام وقعت، وقيلت وحدثت، فلماذا لا نعترف بهذه الجريمة*، بل وذهب إلى أبعد من ذلك، حيث عندما ذهب لرؤية عائلة أودان، وتم تصوير اللقاء، في موقع *لونوفال أوبسارفاتار*، قال لأرملة أودان بأنه يطلب الاعتذار وهذا كان داخل منزلها ولم يكن اللقاء عاما، ولكن هذه الزيارة والالتفاتة مهمة جدا. ما هو آخر إصدارتك ؟ آخر أصداراتي *68، ثم بعد*، هذا الكتاب ألخص فيه، التزام سياسي حول فرنسا لسنوات السبعينات، وشرحت فيه لماذا التزمت وانخرطت ضمن التيار اليساري طيلة هذه السنوات، وعلاقة ذلك مع الأحداث الثورية التي عرفها العالم آنذاك، ولهذا اهتميت كثيرا بالثورة الجزائرية وتاريخها الطويل.