تستمر حالة الانسداد السياسي في بلادنا بعد 16 أسبوعا من الحراك الشعبي ، و مطالبة الشارع الجزائري برحيل الباءات و كل ما بقي من رموز النظام السابق و هو المطلب الذي لم يلق أية استجابة من طرف المؤسسة العسكرية ، خاصة بعد صدور فتوى المجلس الدستوري يوم الأحد 2جوان التي ألغت تاريخ 4 جويلية المقبل كموعد للانتخابات الرئاسية ،و فتح المجلس الدستوري بهذه الفتوى فترة تمديد للمرحلة الانتقالية برئاسة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي يرفضه الحراك الشعبي مثله مثل حكومة نور الدين بدوي ، و قد نتج عن هذا المزيد من التوتر بين سلطة تريد بكل الأشكال و الصيغ تنظيم انتخابات رئاسية يرفضها الشعب و فريق يطالب بل يصر على مرحلة انتقالية تحضر لرئاسيات نزيهة تحدث القطيعة مع بقايا النظام السابق . و بين تعنت السلطة و رفضها الكامل لمطالب الحراك ، و تمسكها بالبقاء في سدة الحكم يتواصل التصعيد و يطول عمر الأزمة المتجهة نحو المزيد من الانسداد ،في غياب أية مؤشرات للانفراج تلوح في الأفق، أو تنازلات تخفف من شدة التوتر و الخلاف ،ليبقى الشارع و مسيرات الجمعة هي لسان حال الشعب في الحراك الشعبي ،فيما تتبنى السلطة الحالية خيار الحوار و التشاور الذي تدعو الأحزاب و الطبقة السياسية إلى المشاركة من أجل إيجاد مخرج للأزمة و مواصلة المسار نحو تنظيم انتخابات رئاسية تعيد الاستقرار للبلاد ،متجاهلة مطالب الجزائريين الرافضة لهذه الانتخابات ليبقى الوضع على ما هو عليه أو يكاد ضمن مواقف سياسية جامدة لا تتغير ، بل إن حالة الركود تطرح الكثير من التساؤلات حول مصير الحراك الشعبي و ما مدى استمراره ، و ما يحدث في دوائر اتخاذ القرار العليا من مستجدات و دعوات إلى حوار يرفضه الحراك مع النظام القائم و وجوه السلطة الحالية ، و الوضع بشكل عام يظل يراوح مكانه في حلقة مفرغة و طريق مسدود بحثا عن حلول توافقية و نقاط مشتركة للحوار و التشاور، و يحدث كل هذا على حساب مصالح الشعب و الجزائر التي هي بحاجة ماسة و ملحة إلى استقرار سياسي كما أنها في غنى كامل عن فتح جبهات لمواجهات و اضطرابات سياسية كانت أو اجتماعية مع الانعكاسات السلبية عنها على الجانب الاقتصادي. و عليه فالمطلوب حاليا هو التعجيل بالوصول إلى حل و الخروج من هذه الأزمة السياسية و تراكماتها و إفرازاتها السلبية ، و الاستجابة إلى مطالب الشعب في المقام الأول لضمان الانتقال و العبور الآمن و السلس إلى مرحلة حكم سياسية جديدة لا مكان فيها لممارسات الفساد و انتهاكات و تجاوزات للقانون و استغلال للسلطة و النفوذ على حساب حقوق الشعب بكل فئاته، و هي ليست في الحقيقة أحلام و أمنيات بل هي مطالب يحملها الحراك الشعبي حيث أنه من حق الشعب أن تحترم إرادته و سيادته ، و إن تطلب الأمر مراجعة للمواقف من قبل السلطة الحالية ، و إعادة النظر في أولويات تفرضها السياسة و إعداد خارطة طريق جديدة لتسيير الأزمة الحالية من قبل من بأيديهم سلطة الحل و الربط و رسم ملامح مستقبل الجزائر .