لا يزال ملف النظافة الاستشفائية من بين أعقد الملفات التي تثار بالنسبة للمؤسسات الصحية بولاية ادرار ، كونه يرتبط بالعديد من العوامل ،من تسيير النفايات الاستشفائية ،الى تعقيم الأجهزة والعتاد الطبي ، مرورا بنقص وسائل التنظيف ومدى تأهيل الطواقم شبه الطبية للتعامل مع هذا الملف المعقد . وحسب معاينة ميدانية ل « الجمهورية « لعدة مصالح طبية في مستشفيات ادرار ،وقفت على الكثير من أوجه الاختلالات ومن ذلك العدد الكبير للزوار في كل الأوقات ، والفوضى السائدة حتى بين الطواقم العاملة ،بدءا من عمال النظافة إلى رؤساء المصالح ،هذه الفوضى يقول بشأنها رئيس إحدى المصالح الطبية بمستشفى ابن سينا بادرار ،أنها تضر أكثر مما تنفع ،لان كثرة الغدو و الرواح في المصالح الاستشفائية كفيل بازدياد نسبة العدوى في الوسط الاستشفائي ،حيث وصلت نسبتها الوطنية إلى أكثر من 14 في المائة في الوقت الذي استقر معدلها العالمي في حدود ال 7 بالمائة . ويشرح المسؤول قوله بان سياسة إصلاح المستشفيات التي بداتها الوزارة قبيل أكثر من عقد أثمرت إخراج مصالح الاستشارة الطبية والفحوصات خارج المستشفيات لكن لاحظنا ان فيه الكثير من التسيب والتساهل الذي يؤدي بشكل مباشر إلى ارتفاع العدوى الاستشفائية بسبب كثرة الفحوصات والاستشارات . اكثر ما تتجسد فيه المظاهر المقلقة في شان النظافة الاستشفائية في مرافق صحية تفتقد إلى ادنى الشروط الوقائية ،وهو ما يتطلب حسب البعض ،إعادة النظر في وضعية النظافة من طرف الجهات المعنية ،خاصة ان الإصابة بالعدوى الاستشفائية تكلف خزينة الدولة ملايين الدينارات الى ان النظافة هي الغائب الأكبر . ،. ومن جملة الملاحظات التي وقفنا عليها ببعض المصالح الطبية ،دورات المياه المتعفنة في بعض تلك المصالح ،فالحنفيات مكسرة او تنعدم بها المياه او تتسرب لتشكل بقعا يتعذر على أثرها المشي ،اما المراحيض بمصالح أخرى فقد سقط عنها فرض النظافة الدورية و روائحها الكريهة تصب الاصحاء بالدوار ،فما بالك بالمرضى . هذه الحالة تتقاسمها مصالح طب النساء والتوليد وأمراض السكري ،والطب الداخلي التي كانت محل زيارة « الجمهورية « ،وفي دردشة صغيرة مع بعض المرضى الخاضعين للاستشفاء وبتلك المصالح ،تأكد لنا ان النظافة لم ترق الى المستوى المطلوب ،بالرغم من ان الوقاية خير من العلاج ،حيث قالت مريضة بانها قبعت بمصلحة أمراض السكري لأكثر من ثلاثة اشهر ،وهو ما يؤهلها ،حسبها ،،للحديث عن النظافة التي يختصرها الطاقم الطبي وشبه الطبي في قطرات ماء ترمى صبيحة كل يوم من طرف عاملة النظافة وفقط « نحن نعاني الأمرين مع دورات المياه ،خاصة في فترة الظهيرة ،فنحن من يقوم بتنظيف المراحيض قبل استعمالها ،وإذا طلبنا من العاملة تنظيف المكان ،تصيح في وجهنا قائلة ،افعلوا ذلك بانفسكم ،انا عملي اديته صباحا. في السياق يقول مسؤول مصلحة طبية بمستشفى تيميمون ،« ان التعامل مع مصالح طبية وجراحية والتواجد ضمن المرضى يقرض على كل الطواقم العاملة في نطاق المستشفى تكوينا معينا ،حتى لا يصاب بالعدوى الاستشفائية ولا يكون ناقلا لها « وأضاف موضحا ان الهياكل الصحية كونها تقدم خدمات علاجية على اختلافها تشكل مكانا يلتقي فيه المرضى ،وبالتالي ملتقى العديد من الجراثيم ،لذلك فهي أماكن يزداد فيها خطر العدوى ،خاصة اذا تدنت مستويات النظافة ،وهذا يمس المرضى والاطباء والمستخدمين ويطال حتى الزوار ،رغم حملات النظافة وصيانة العتاد التي تقوم بها مستشفيات ادرار من حين لآخر . كما تقدر اوساط صحية عدد الاصابات بالأمراض وهم داخل المستشفيات بسبب العدوى ،بما لا يقل عن نسبة 30 بالمائة من المرضى قاصدي العلاج ،مرجعة المسببات الى تعفنات وانعدام النظافة ، وتجمع اراء من استجوبتهم « الجمهورية « حول الموضوع ،ضرورة التحرك بسرعة لإزالة هذه الأسباب المؤدية الى الموت وايجاد الحلول ،كم خلال ايلاء العناية للجوانب المتعلقة بالنظافة وتعقيم التجهيزات ومراجعة شروط الالتحاق بالتمريض ،خاصة بالمؤسسات الصحية العمومية .. يقول الدكتور شريف كباش عن التعفنات الاستشفائية ،انها ظاهرة خطيرة وتطرح مشاكل كبيرة في ادرار وبالجزائر عامة ،خاصة وان تكوين الاطقم الطبية ليس في المستوى ،مضيفا ان النتيجة ،حسبه ،في عدم مراعاة بعض شروط النظافة في مكافحة المكروبات والفيروسات داخل المستشفيات ،وخاصة وسط بعض الاقسام الحساسة مثل قاعات الانعاش والتوليد ومصالح الاطفال حديثي الولادة ،مما يضاعف اصابات المرضى بها ،و يضيف الدكتور كباش ان « الجزائر تسجل سنويا عشرة الاف حالة تعفن استشفائي او عدوى ،وان ذلك يكلف خزينة الدولة اموالا طائلة للتخلص منها ،حسب تقرير ميداني اجرته وزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات ،« ةيضيف التحدث « كما اوضح ذات التحقيق ان هذه الامراض تكلف 80 مليون سنتيم لعلاج مريض واحد « ،وللحد من الإصابات اكد الدكتور شريف كباش ،على ضرورة تكوين المشرفين على تسيير الاقسام الطبية المعنية بالامر بصفة خاصة من أطباء وممرضين ،مع توفير حد أقصى للنظافة و وسائل التعقيم بتلك الاقسام ،ويستدل كباش بنتائج دراسة اجريت على مستوى الاوساط الاستشفائية بادرار ،اكدت ان 45 بالمائة من عمال شبه الطبي ( الممرضين ) لا ينظفون ايدسهم كما ينبغي ،وهي الاسباب المباشرة ،حسب ذات المتحدث لتنقل الفيروسات والميكروبات داخل المستشفيات ،ناهيك عن عدم احترام المقاييس المتفق عليها دوليا والتي تحرص عليها دوما المنظمة العالمية للصحة ،والممثلة في ممرات نقل اغطية المستشقيات المتسخة التي يمنع بتاتا ان تمر عبرها الاغطية النظيفة ،لكن رغم هذه التوصيات الصارمة يؤكد الدكتور انه لا يتوفر بولاية ادرار ولو مستشفى واحد تحترم فيه ذات المقاييس .