تتواصل معاناة المواطن يوميا بسبب سوء معاملة موظفين وأعوان في قطاع الخدمات من مؤسسات صحية وإدارات مختلفة الاختصاصات ،حيث يقف هذا المواطن حائرا وعاجزا ومذهولا أمام مثل هذه المعاملة السيئة ،و كأن هؤلاء الموظفين والأعوان قد نسوا أو تناسوا أنهم هنا لخدمة المواطنين و قضاء حاجاتهم بكل احترام وتقدير بدلا من التقاعس والمماطلة في أداء مهمتهم تلك ، ليس هذا فحسب بل إن بعض الموظفين العموميين يجدون متعة كبيرة في جعل المواطن ينتظر لساعات ،إن لم يرغموه على العودة في يوم آخر و مرات عديدة مع أنه بإمكانهم إجراء المعاملة الإدارية في وقت قصير، وإن كانت مثل هذه السلوكات تطبع مختلف إدارات الخدمات ، فإنها تأخذ أبعادا خطيرة في مجال الصحة مثلا عندما يصطدم المواطن برفض أعوان في إدارات المستشفيات و مراكز الصحية تقديم الخدمات له و إعطائه موعد بعيد للعلاج والمتابعة الصحية ، بينما يسارعون إلى تسهيل العملية على آخرين ومن يأتون من طرف معارفهم ،هو أمر يندى له الجبين خجلا عندما نرى مثل هذه المعاملات هي السائدة والغالبة ، ونادرا ما يجد المواطن البسيط المسكين من يخدمه بسهولة وبساطة و دون أن يثير غضبه وسخطه ، كما أنه من المؤسف جدا أن يجمع جل موظفي وأعوان قطاع الخدمات والإدارات العمومية على هذا الأسلوب من العمل كقاعدة أساسية للتعامل مع المواطنين ، مع أنه استثناء و وجه بغيض من وجوه الفساد والبيروقراطية. إن نسبة من موظفي القطاع العمومي في مختلف درجات ورتب المسؤولية و في مختلف الإدارات والمؤسسات يعتقدون أنهم يتفضلون على المواطن عندما يسهلون له الحصول على وثائقه و غيرها من الخدمات الأساسية التي هي من أبسط حقوقه، وأنه ليس ملزما بأن يلجأ إلى واسطة أو من يشفع له عند هذا الموظف أو ذاك ، وهذا من منطلق أن هؤلاء يرفضون حسن معاملة المواطن لذلك يقصرون كثيرا في خدمته و لا يدركون مدى حاجته للمساعدة حيث لا يجد المواطن ملائكة الرحمة، بل من يضع أمامه كل الحواجز والعراقيل و الحجج الواهية التي لا أساس لها (...).