هي علاقة تكاملية بين المواطن والإدارة، بين معرفة للواجبات وتحديد للحقوق، فعلاقة المواطن بالموظف تحكمها تعليمات وتقيدها قوانين لما يضمن العدالة والإنصاف للمواطن، غير أن ذلك لا ينطبق على واقعنا . تقوم الإدارة بالتكفل بإشغالات المواطنين وتحسين معيشتهم وتسخير كل أفرادها لخدمتهم، وترجمة جهودها لتحقيق راحة المواطن، الجزائرالجديدة زارت إحدى القطاعات وسألت بعض المواطنين عن رأيهم بالإدارة في الجزائر أبدى معظم من حاورناهم استيائهم تجاه هذه العلاقة، ووصفوها بالعلاقة الوهمية أو الافتراضية لأن التواصل بين الطرفين ضئيل أو يكاد أن يكون منعدم، فأخبرنا بعضهم أن الموظفين فور جلوسهم خلف مكاتبهم ينتابهم شعور بالسيادة والنفوذ والسلطة، فيتعاملون مع المواطنين بلامبالاة وبتعجرف، فهذا يصرخ ويرفع صوته في وجه المواطن وذاك يقابلك بوجه عابس متناسين جميعهم دورهم في خدمة المواطن، ومسؤوليتهم تجاهه، ويتناسون أيضا أنهم يتقاضون الأجر وهذا ما أكده لنا السيد أحمد إلتقيناه بإحدى البلديات فأخبرنا قائلا الإدارة في الجزائر مريضة حقيقة فعلاقة المواطن بالموظف أصبحت منعدمة، فإذا أردت أن تنجز بعض المعاملات ينجزونها بتباطؤ إذا دخلت إحدى القطاعات بغية قضاء شغل ما ترى الامتعاض والتكشير باديا على وجوه العاملين، ويعاملون المواطن وكأنه أجير لديهم وهذا ما أكده لنا رمزي قائلا الإدارة في بلادنا كارثة فإذا ذهبت في وقت مبكر، تجد الإدارة لم تفتح بعد، وإذا ذهبت متأخرا تخبرك أنه وقت الغذاء، عد بعد ربع ساعة، والربع ساعة تتحول إلى ساعة حتى يحس المواطن بالتهميش فيتغاضى عن معاملته ويتركها أو يلجأ للواسطة لقضاء حاجته فهذه هي إدارة بلادنا . مواطنون: تدني مفهوم المسؤولية لدى الموظفين عند محاورتنا لبعض المواطنين جعلنا نلمس الاستياء الذي ينتاب المواطن الجزائري تجاه إدارته، فمعظم المواطنين الذين حاورناهم عبروا عن حزنهم من الوضع الذي آلت إليه الإدارة في الجزائر، كما نددوا باللامبالاة من جانب السلطة وعدم سعيها لتحسين الوضع الحاصل والقضاء على البيروقراطية والواسطة التي تغزو معظم إدارات البلد وهذا ما أكده السيد يزيد فأخبرنا قائلا تجاهل الموظف لمسؤوليته اتجاه المواطن هو ما زاد الطين بله فلأسف معظم موظفينا يجهلون مهامهم الحقيقية وواجباتهم تجاه المواطن، إذا قصدت بعض المكاتب تجد نفسك مضطرا للانتظار ساعات طويلة وليس من الغريب أن يخبرك أحد الموظفين هناك أن ترجع في يوم آخر، فيما يمرر هذا الموظف كل معاملات أقاربه ومعارفه متناسيا بذلك أن مسؤوليته في خدمة الجميع دون استثناء، السيدة ربيعة هي الأخرى شاركتنا الحديث وأخبرتنا بهذا الشأن قائلة الإدارة في الجزائر تتراجع يوما بعد يوم، بينما يتطور غيرنا، مازلنا نحن نتراجع أكثر ونتعامل مع المواطن بكل تكبر بدل من ضمان الجدية واحترام المواطن باعتباره المرجع والهدف في الخدمة العامة أمر ملزم لكن للأسف هذا كله يتجاهله الموظف الجزائري ويعمل دائما بما يناسبه ويتناسى مسؤوليته في مراعاة مصلحة المجتمع وخدمة أفراده. إهانات بالجملة وشتائم يتلقاها المواطن كثيرا ما يضطر المواطن للتوجه لإحدى الإدارات العمومية من أجل قضاء مصلحة أو استخراج وثيقة أو إيداع ملف، فكثيرا ما يشعر الفرد بالاكتئاب لمجرد التفكير بأنه مضطر لمقابلة الموظفين بالإدارة ووجوههم عابسة، على الرغم من أن دورهم يتمثل في خدمة المواطن والسهر على راحته، ففي كثير من الأحيان يبادر الموظف ويتلفظ بكلمات مزعجة من سب وشتم وتجاهل، لكن ما بوسع المواطن سوى تحمل هذه التصرفات التي تمس كرامته، وذلك لئلا يعرقل له أوراقه فيفضل السكوت بدل الخوض في مناقشات تكلفه رفض تسليم وثيقة إدارية ما يتسبب له في تأخير ومماطلة في معاملته، هذا ما أكدته لنا الطالبة الجامعية فلة فأخبرتنا قائلة نعم الإدارة في الجزائر مريضة، فمثلا إدارة الجامعة كارثية في الأيام القليلة الماضية قصدت إحدى المكاتب بغية الحصول على شهادة مدرسية فقابلتني الموظفة بوجه عبوس، بل أكثر من ذلك أغلقت الباب بوجهي في مرات عدة بل بقيت أتردد عليها لمدة عشرة أيام وكل يوم تقول لي ارجعي غدا ودائما نفس السيناريو يتكرر، لكن ما بوسعنا أن نفعل لأن تجاهل السلطة لهذا الوضع يمس بكرامة المواطن وهذا ما يؤدي إلى ظهور أشكال مختلة من الفساد كالرشوة وغيرها. موظفون: المواطن يجهل آداب وقوانين التعامل ومن جهة أخرى فنجد الكثير من الموظفين يشتكون من المواطن الذي يفتقد لثقافة التعامل ويجهل القوانين التي يتعامل بها، فهو يحرم ويحلل ما يشاء، يظن أنها مجرد تعاملات عشوائية وإذا رفض الموظف أن يقدم له خدمة في الإطار القانوني ينعته بأبشع الصفات ويتهمه بالعزوف عن العمل وإخلاله بالقانون، وهذا ما صرح لنا به العديد من الموظفين الإداريين الذين باتوا يشتكون من همجية المواطن وعدم مراعاته لآداب التعامل، كريمة، 28سنة موظفة بقطاع البريد والمواصلات ببراقي، أوضحت لنا في حديثها أنها لم تعد تحتمل قلة أدب بعض المواطنين الذين يتهجمون عليها بالكلمات القبيحة والنظرات حين ترفض القيام بطلباتهم في إطار القانون، فيتهمونها بالتقصير وبالكلمات القبيحة وهم على غير دراية بالقوانين ووحدها من تقع عليها كامل المسؤولية، خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات أين يزداد الضغط على الموظف ويجد نفسه وحده في وجه المواطن الذي لا يعرف الرأفة والرحمة رغم أننا كلنا مواطنين ونعيش نفس المشاكل والضغوطات في مجتمعنا، لتبقى حلقة مفرغة يتصارع فيها المواطن والموظف دون نهاية ودون ضبط قانوني لها. زهية بوغليط