ستعتمد الجزائر على سياسة خارجية "نشطة واستباقية" تندرج ضمن امتداد سياسة التقويم الوطني التي التزم بتجسيدها رئيس الجمهورية على الصعيد الداخلي. وفي هذا الصدد, أبرز مشروع مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني غدا الثلاثاء, أن الحكومة "ستعمل على تكريس سياسة خارجية نشطة واستباقية تهدف إلى اعطاء الجزائر المكانة والدور اللائقين بها في المحافل الدولية بشكل يتناسب مع مركزها كقوة اقليمية والالتزام بعقيدتها ومبادئها الاساسية". وأوضح المشروع الذي كان قد صادق عليه مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي, أن الجزائر "ستعتمد على سياسة خارجية نشطة واستباقية تندرج ضمن امتداد سياسة التقويم الوطني التي التزم بتجسيدها رئيس الجمهورية على الصعيد الداخلي, بحيث سيكون العمل الدبلوماسي في خدمة السياسة الشاملة للتجديد الوطني وبناء جمهورية جديدة". ويؤكد المخطط أن الحكومة "ستعمل قبل كل شيء على إعطاء الجزائر المكانة والدور اللائقين بها في محافل الأمم بما يتناسب ومركزها كقوة إقليمية مع الوفاء لعقيدتها والمبادئ الاساسية التي قامت عليها دوما", والمتمثلة في "احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامتها الترابية, عدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام قواعد حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات ودعم القضايا العادلة". وحسب نفس الوثيقة, فإن العمل الدبلوماسي للجزائر "سيجرى ضمن الأبعاد المتمثلة في ثلاثية السيادة والأمن والتنمية, وذلك من أجل الدفاع عن المصالح العليا للأمة والحفاظ على الأمن الوطني واستقلالية القرار وتعبئة الشراكة الأجنبية والتعاون خدمة لتنمية البلاد". ولأجل ذلك --يضيف المخطط-- ستعمل الحكومة على "تجسيد التوجهات الكبرى وأولويات السياسة الخارجية مع إيلاء أهمية خاصة لإفريقيا وتركيز وجودنا وتأثيرنا في دول الجوار في منطقتي الساحل والمغرب الكبير". وستبذل الدبلوماسية الجزائرية "جهدا كاملا وتولي أولوية لترقية حركيات التعاون والشراكة والاندماج في كل التجمعات التي تنتمي إليها الجزائر, وهي المغرب الكبير والساحل وإفريقيا والعالم العربي والأمة الإسلامية والفضاء المتوسطي". وفي هذا الإطار, سيتم "تطبيق استراتيجية لدعم حضور الجزائر في الهياكل التنفيذية للمنظمات الجهوية والدولية التي تكون عضوا فيها", كما سيتم "تقييم العلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين للجزائر لجعل بلادنا كقوة توازن, ويتحقق ذلك ضمن اعتبارات البراغماتية والحفاظ على مصالح البلاد في التعاملات مع الشركاء الأجانب للجزائر". ويقترح المخطط "اعادة بناء الجهاز الدبلوماسي ليضطلع بمهامه العادية وكذا الدبلوماسية الاقتصادية الحيوية وذلك خدمة للمصالح الاقتصادية والتنموية للجزائر". وسيتم في هذا الاطار "إدخال تعديلات مدروسة بدقة على الجهاز الدبلوماسي من خلال مراجعة الخريطة الدبلوماسية وطرق العمل قصد جعل الشبكة الدبلوماسية والقنصلية للجزائر تساهم في بناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع ومنتج لنمو شامل منشئ لمناصب العمل والقيمة المضافة". كما ستستفيد الدبلوماسية الجزائرية "بشكل كامل" من الفضاءات الاقتصادية التي تنتمي إليها، لاسيّما منها منطقة التبادل الحرّ القارية الافريقية ومنطقة التجارة الحرةّ العربية الكبرى, مع تركيز عملها الاستكشافي والإرشادي قصد "تحسين ظروف ولوج المتعاملين الجزائريين إلى الأسواق الافريقية والعربية". وستعمل الشبكة الدبلوماسية والقنصلية ب"شكل دائم ومستمر على *جلب الاستثمارات الأجنبية والترويج للسوق الجزائرية وترقية الجزائر كوجهة سياحية,مع مراجعة إجراءات منح التأشيرات خصوصا لرجال الأعمال والسيّاح وذلك بهدف وضع منظومة للتأشيرة إلكترونية". وسيتم أيضا "اعتماد دبلوماسية ثقافية تخدم إشعاع بلادنا وتأثيرها على الصعيد الدولي بالتزامن مع ذلك, جعل الدبلوماسية الدينية أيضا بمثابة ركيزة عمل لصالح النهوض بحضور الجزائر الروحي في إفريقيا وفي العالم مع المساهمة في الترويج للإسلام الحق ولخطاب ديني متسامح ومعتدل. وبخصوص الجالية الجزائرية في الخارج, أكد مخطط عمل الحكومة أنها ستكون "في صلب انشغالات السياسة الخارجية وستسهر الحكومة على حماية الرعايا الجزائريين عبر العالم والحفاظ على حقوقهم ومصالحهم وكذا أمنهم وكرامتهم في بلد الإقامة". وستعمل الحكومة أيضا على "تعزيز علاقة مواطنينا في الخارج مع الوطن الأم وأخذ انشغالاتهم بعين الاعتبار على الصعيد الداخلي, لاسيما فيما يخص تنقل الاشخاص واسترجاع جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج". وسيتدعّم عمل الحكومة تجاه الجالية الجزائرية في الخارج من خلال "تطوير الإدارة القنصلية وإدخال الرقمنة والإدارة الالكترونية وكذا تنفيذ سياسة ترمي إلى إبراز حركة جمعوية ذات تمثيل وحيوية".