منذ ظهور داء كورونا المستجد في الصين , تتسابق الدول عبر مخابرها ومؤسساتها الصيدلانية , و من خلال باحثيها و خبرائها في مكافحة الأوبئة الذين شمروا عن سواعد الجد , وكثفوا من تجاربهم لإيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد, و لاشك أنهم سيصلون إلى مبتغاهم , لأن كل من جد وجد. و ما نقوله هنا ليس رأيا نظريا , و إنما هو واقع خصصت له بعض الشبكات الإخبارية العالمية تغطيات خاصة تقدم جردا مفصلا عن فرق الباحثين المنخرطين في هذا الجهد الدولي لمكافحة هذا الوباء و دون سابق اتفاق بينهم , لأن ذلك دورهم كباحثين في خدمة الصحة العالمية , و في خدمة مموليهم الذين قد تكون دوافعهم مادية بالدرجة الأولى , و لكن يبقى هدف الجميع التغلب على الداء. عندما نستعرض الدول المشاركة في جهود البحث عن لقاح أو دواء مضاد لفيروس كورونا المستجد , نجد أن معظمها من أوروبا الغربية كبلجيكا و ألمانيا و بريطانيا و أمريكا بطبيعة الحال و الصين واليابان و تايلاند و غيرها , بينما لم نجد ما يؤشر على وجود مثل هذه المبادرات في العالمين الإسلامي و العربي . و لذا فقد تفاءلت خيرا عندما اطلعت على تصريحات عالم الجيوفيزياء، لوط بوناطيرو، يشير من خلالها إلى "توصل فريق طبي جزائري عراقي إلى اكتشاف دواء للكورونا بعد أبحاث استمرت لنحو شهرين". غير أن التفاؤل سرعان ما اضمحل عندما سارعت مسؤولة من وزارة الصحة إلى تفنيد تصريحات العالم المذكور ,و تنفي أي تنسيق للوزارة المعنية مع باحثين في هذا الشأن . و الغريب أنني عندما استمعت إلى تصريح العالم , لم أجد فيه ما يشير من قريب أو من بعيد إلى وزارة الصحة , أو أية هيئة من الهيئات التابعة لها أو تحت وصايتها , و إنما تحدث عن باحثين من الجزائر و العراق ينتمون إلى منظمة بحثية مستقلة , و من حسن الحظ أن وزير الصحة خلال زيارته لمستشفى بوفاريك يوم الخميس كان أكثر موضوعية في تعقيبه على تساؤلات الصحفيين حول مراسلة الدكتور بوناطيرو الوزارة الوصية بشأن اكتشافه رفقة أطباء عراقيين لدواء خاص بفيروس كورونا قائلا أن "بوناطيرو إنسان محترم ونحن ننتظر أن يتصل بالوزارة للعمل سويا". و هذا هو المطلوب من الوزارة المعنية و كل الوزارات الأخرى, بحكم الحاجة إلى الاستفادة من كل الخبرات المتاحة داخل و خارج الوطن بعيدا عن بيروقراطية احتكرت مهام توزيع الرخص ,و حتى إجراء التحاليل على مستوى معهد وحيد لم يتعدد أو يتمدد أو يتجدد منذ نشأته، فالبحث العلمي يتنافى و قيود البيروقراطية.