أجج فيروس كوفيد-19 الصراع الاقتصادي الخفي بين الدول الكبرى، حول من يقود الزعامة ويحتل الصدارة ويستحوذ على السوق العالمية، هكذا أصبح المشهد الدولي منذ تفشي وباء كورونا، الذي أسقط الأقنعة وكشف الوجه الآخر للأزمة،فالكل بات يجتهد من أجل تجاوز تداعياتها، ويبحث عن مخرج له بأي طريقة لينفذ بجلده، وينقذ مصالحه بشتى الطرق ومختلف الأساليب...لقد كادفيروس كوروناأن يعصف بكل شيء، وينسف الاقتصاد العالمي، ويفسد حتى العلاقات بين الدول، هكذا أخل هذا الفيروس المجهري بالأنظمة العالمية....من كان يتوقع يوما أن يتهاوى سعر البترول الخام في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى أقل من الصفر !! لأول مرة في التاريخ، وتصبح الكمامات عملة نادرة كادت أن تتسبب في أزمات دبلوماسية بين العديد من الدول !!ترىهل هي ملامح العالم الجديد، بدأت ترتسم اليوم تحسبا لمرحلة ما بعد كورونا ؟ لا تزال الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية انتشار فيروس كورونا الجديد متواصلة بين القوى الكبرى، فالرئيس الأمريكي يرى أن الصين تتحمل انتشار هذا الفيروس، فيما كشف مسؤولون أمريكيون أن الصين أخفت الحقيقة ولم تبلغ عن نشأة الفيروس ولم تحذر من خطورته وسرعة انتشاره، بمعنى أنها لم تعتمد الشفافية في التعاطي مع الأمر، وكان رد الصين على هذا بتوجيه أصابع الاتهام بدورها للولايات المتحدةالأمريكية،على أنها هي من زرع الفيروس في الصين، عن طريق بعثتها المشاركة في الألعاب العسكرية المنعقدة في ووهان شهر أكتوبر الماضي، صراع آخر طفى إلى السطح بين دول الاتحاد الأوروبي، التي اتهمت بالأنانية في التعاطي مع هذه الأزمة الصحية، وتجلى ذلك في غياب حس التعاون بين الدول الأعضاء في هذه الظروف الصعبة، حيث تركوا إيطاليا الأكثر تضررا من هذا الوباء، تصارع كورونا لوحدها في مشهد مروع، قبل أن يتم تدارك الأمر أو بالأحرى هذه الزلة من قبل الاتحاد الأوروبي، الذي سارع إلى رصد ميزانية معتبرة لفائدة الدول الأكثر تضررا بكورونا من أجل مواجهة الأزمة. لقد فتح كوفيد-19 الجدل على كل الجبهات، كما كشف عن الأبعاد الخفية للأزمة، الاقتصادية منها والسياسية، بلوجعل كل الدول التي تأثرت كثيرا بسبب هذا الفيروس، تراجع منظومتها الصحية والاقتصادية وحتى سياستها الداخلية وعلاقاتها الخارجية على حد سواء...وفي انتظار اكتشافالمصل أو اللقاح الذي يجري البحث عنه في المخابر، الأمريكية والفرنسية والألمانية والروسية والبلجيكية وغيرها من الدول الغربية، فإن العالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا عما كان عليه قبل تفشي هذا الوباء، الذي يبدو أنه غير الكثير من المفاهيم.