لا يختلف اثنان في أن حسن التسيير المالي و العدل هما أساس و صمام الأمان للحكم الراشد ، و أن كل ما تعانيه الدول من فساد سياسي واقتصادي يرجع أساسا إلى سوء تسيير المال و عدم ترشيد النفقات العامة و هو ما يسبب عجزا ماليا و نفاذا للخزينة و بالتالي الدخول في نفق مظلم هو الأزمة الاقتصادية متعددة الأوجه و التأثيرات ،و من منا لا يعلم أنه من بين مطالب الحراك الشعبي الأساسية هي القضاء على الفساد المالي والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الاستحواذ على المال العام بغير وجه حق و تبديده بشكل عام ،خاصة على مستوى الجماعات المحلية حيث ترصد الجزائر أغلفة مالية ضخمة لمختلف المشاريع التنموية لكن مع الأسف لا ترى تلك المشاريع النور أبدا ،بل أكثر من ذلك تمر سنوات وتتعدد الأغلفة المالية دون أن تتحقق على الأرض وتبقى مجرد تصميمات على ورق ، وربما وفي أحسن الحالات نراها هياكل بناء في أطوارها الأولى لا تزال تنتظر دعم الدولة لإتمام بنائها ، ويسري هذا التشخيص على معظم مشاريع التنمية من طرق و مدارس ومستشفيات و أسواق وغيرها من المرافق الضرورية للمواطن الذي غالبا ما لا يجد أذانا صاغية لاهتماماته وانشغالاته ، وانطلاقا من هذا فإن ترشيد النفقات و حسن تسيير المال العام هو ركيزة من ركائز الاقتصاد القوي الذي يرفض كل مظاهر الفساد ،هذا فضلا عن أن الجماعات المحلية هي المسئول المنفذ لمشاريع التنمية وعلى وجه الخصوص مناطق الظل التي تعد نتيجة طبيعية لسنوات من سوء التسيير المالي للبلديات والمشاريع التي غيبت وظلت حبيسة الظل ليحرم ساكنوها من أبسط حقوق وظروف الحياة الكريمة و كم هي كثيرة مناطق الظل في بلادنا و كم هي كبيرة وقاسية معاناة سكانها خاصة في فصل الشتاء و هي المحرومة من التدفئة والنقل وغاز البوتان والكهرباء والماء و القائمة تطول ... ولا يتسع لها هذا الحيز و ما عسانا نعلق على حرمان أطفال المناطق النائية من النقل المدرسي واضطرارهم إلى قطع الدروب الوعرة والطرق غير المعبدة مشيا على الأقدام للوصول إلى المدرسة الموجودة على بعد كيلومترات في جزائر اليوم ؟ ..سؤال تجيب عليه الجهات التي تسببت عن قصد أو سهو في تدهور ظروف حياة الناس في كل مكان من هذا الوطن سواء في مناطق الظل أو مناطق الحياة الصعبة في ظل البطالة والفقر والحرمان ،و ضياع الحقوق .