يعتبر تبذير المال العام و الإسراف في النفقات و كل أشكال سوء التسيير من اختلاسات و تلاعب بأموال الشعب من الآفات التي تهدد نمو وتطور الاقتصاد في بلادنا خاصة في الظرف الراهن المتميز بتفشي فيروس كورونا ،حيث أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون مرارا وتكرارا على ضرورة عقلنة النفقات وترشيدها و التسيير الجيد للمؤسسات و خفض النفقات المختلفة تماشيا مع الوضع الاقتصادي الحالي للجزائر الواقعة تحت ضغط جائحة كورونا و انخفاض أسعار النفط ،و تناقص احتياطي الصرف بخزينة الدولة بسبب نفقات الحجر الصحي والتبعات والتداعيات الاجتماعية لأزمة كورونا الصحية ،وكذا الركود الاقتصادي الذي خلفه كوفيد 19 على مستوى الجزائر والعالم على حد سواء في مواجهتها للأزمة و الصدمة الاقتصادية الراهنة ،و غن كانت الجزائر تعاني قبل ظهور فيروس كورونا من تبذير و إهدار للمال العام، وزيادة مبالغ فيها في النفقات العامة نتيجة سوء تسيير المؤسسات و المرافق العمومية فإنه بعد تفشي جائحة كورونا تأثرت خزينة الدولة كثيرا بثقل تلك النفقات فضلا عن توقف قطاعات اقتصادية هامة عن النشاط ليزيد الطين بلة انخفاض أسعار البترول وهو ما ساهم في انخفاض مبلغ عائدات المحروقات التي تعتبر حيوية وأهم مصدر لتمويل خزينة الدولة و بالتالي مشاريع التنمية و توفير الحاجيات الاقتصادية للبلاد ،و انطلاقا من هذا أصبح من الضروري على بلادنا محاولة التحرر ولو جزئيا من تبعيتها للريع البترولي و التوجه نحو تنويع صادراتها والنهوض بقطاعات إنتاج و صناعات أهملت لعقود من الزمن ،علما أن نفقات التسيير لطالما أثقلت كاهل الدولة و كانت عبئا و حملا ثقيلين عليها ،و لا ننسى في هذا المقام التذكير أن الجزائر قبيل تفشي وباء كورونا كانت تستعد لدخول مرحلة جديدة من التسيير الاقتصادي و الإداري في جزائر جديدة ودعت خلال الحراك الشعبي عشريتين من التسيير السيئ و الفساد الاقتصادي الذي أتى على الأخضر واليابس و استنزف موارد وثروات البلاد ،ليأتي كوفيد 19ليلقي بظلاله القاتمة على الجزائر،و اليوم أكثر من أي وقت مضى أصبح مطلوبا و بصفة مستعجلة وقف نزيف تبذير المال العام و تضخيم للنفقات و القضاء على أشكال البذخ و الرفاهية في تسيير أموال الشعب و هذا من أجل مواجهة متطلبات المرحلة الراهنة ومنها تنمية مناطق الظل ورفع الغبن على فئات واسعة من الجزائريين، فضلا عن عملية إدماج أصحاب عقود ما قبل التشغيل كوسيلة للقضاء على البطالة، و الاستجابة لمتطلبات وانشغالات المواطنين الضرورية و الأساسية من خدمات السكن والتزويد بالكهرباء والغاز و توفير المرافق العامة من مدارس وتهيئة الطرق والنقل و غيرها كثير لا يتسع المجال لسرده كاملا ،و هذا في إطار دولة القانون التي تضرب بيد من حديد كل من تسول نفسه التصرف في المال العام كيف يشاءون .