عاشت الجزائر كنظيراتها من دول العالم وضعا خاصا طوال السنة الحالية، حيث اضطرت الدولة إلى تطبيق نظام خاص من أجل تطويق وباء كورونا كوفيد الذي باغت المعمورة وذلك للحفاظ على أرواح المواطنين من جهة، ومنع الإختلالات الإقتصادية من جهة أخرى حيث اضطرت إلى تعليق النقل العمومي الحضري ومابين الولايات، وكذا غلق الفضاء الجوي والبحري والبري وتعليق الدراسة بالمؤسسات التربوية منذ 12 مارس مع تأجيل كل الامتحانات الرسمية استثناء إلى غاية شهر سبتمبر. فالضيف الثقيل الذي وصل إلى بلادنا بحلول شهر مارس بعد تسجيل أول حالة إصابة بالكوفيد بالجزائر، اضطر الدولة التي كانت شبه مهيأة له بعدما أخذت العبرة من الدول الأسيوية والأوروبية التي سبقنا اليها، إلى تطبيق نظام على مستويين، الأول صحي والثاني اقتصادي- اجتماعي، حيث جندت كل قطاعاتها خاصة الصحية، الأمنية والتربوية لمجابهة الوباء وهذا من أجل التحكم في الوضع. بروتوكول صحي مشدد فعلى المستوى الصحي ألزمت الدولة كل المؤسسات خاصة تلك التابعة للقطاع العام بضرورة تطبيق بروتوكول مشدد حسب المرسوم التنفيذي رقم 20/69 المحدد للكيفيات والتدابير اللازمة ، والذي يتمثل على الأخص في ارتداء الأقنعة الواقية أو ما اصطلح على تسميته بالكمامات، وتطهير وتعقيم كل المؤسسات التي بقيت مفتوحة خلال الجائحة، والتزام التباعد الجسدي، وتوفير المطهر الكحولي في مداخل الإدارات والمؤسسات، والصابون السائل ومقياس الحرارة، فيما منحت عطلا استثنائية للمرضى المزمنين والنساء الحوامل والأمهات اللواتي يكفلن أطفالا في سن أقل من عشر (10) سنوات، حماية لهذه الفئة الهشة من الفيروس. وفي جانب آخر تم انشاء خلايا أزمة على مستوى كل ولاية مهمتها متابعة الوضع عن قرب والتدخل في الوقت المناسب عن طريق شبكاتها الموزعة على كل المصالح الاستشفائية ، فيما تم تجهيز هذه الأخيرة بالأدوية اللازمة والأوكسجين الضروري لإسعاف المصابين، علما أن القطاع الصحي حاول الموازنة بين عمله اليومي للتكفل بصحة المواطنين في الظروف العادية والمصابين بالوباء، حيث كان هناك تركيز خاص على المصالح الخاصة بالكوفيد التي فتحت بالمناسبة من أجل القضاء على الفيروس وتطويقه قدر المستطاع تفاديا لضياع الأرواح البشرية. وتم تطبيق نظام دوام خاص للطاقم الطبي وشبه الطبي، مع الزامهم بحجر كلي بتخصيص غرف خاصة لهم في الفنادق والمراكز التي خصصتها لهم الدولة للراحة، حيث نشير هنا إلى أن الكثير من هؤلاء كان بعيدا عن أهله لفترة طويلة. تضرر اقتصادي ولم يكن الجانب الإقتصادي بأحسن حال من الصحي فقد تضررت الكثير من المؤسسات التي اضطرت إلى غلق أبوابها بسبب الجائحة، فيما كان لزاما على الأخرى تخفيض عدد عمالها إلى النصف سواء تطبيقا للبروتوكول الصحي بالتزام التباعد الجسدي أو لإنخفاض مردودها وعدم تمكنها من توفير أجرة كل العمال، لأن مدخولها انخفض إلى أدنى مستوياته أو على الأقل بنسبة خمسين(50) بالمائة. وتضررت من هذه الجائحة عدة قطاعات لكن في مقدمتها نجد قطاعي السياحة والنقل بكل أنواعه الجوي والبحري والبري، اللذان تضررا كثيرا وحتى المحلات التجارية من مقاهي ومطاعم وقاعات رياضة وحلاقة. وفي الجانب الإجتماعي غابت التجمعات العائلية عن أفراح الأسرة الجزائرية وحتى عن أقراحها، فيما فقد الكثير من أرباب العائلات مناصب عملهم بسبب غلق مؤسساتهم، خاصة العمال اليوميين والموسميين أو كسائقين لسيارات أجرة ، ووجدت العديد من الأسر نفسها بين عشية وضحاها بدون مدخول، حيث عملت الدولة على تخصيص منحة جزافية للقطاعات المتضررة. لقاح بمعايير صحية دولية وللخروج من هذا النفق تعمل الجزائر كغيرها من دول العالم على البحث عن الحل الأنجع للتخلص من هذا الفيروس الذي انهك اقتصادا وحصد أرواحا كثيرة خلال عام من ظهوره في العالم، حيث بدأت رحلة البحث عن اللقاح المناسب ظل حرب إعلامية تخوضها عدة مخابر دولية للترويج لمنتوجها، حيث يجري الحديث في بلادنا عن لقاح فايزر بالدرجة الأولى واللقاح الروسي سبوتنيك V بالدرجة الثانية. وفي هذا الصدد يطمئن القائمون على الصحة في الجزائر كل المواطنين بأن اللقاحات التي ستختارها الجزائر ستخضع لكل التدقيقات القانونية اللازمة وهي ليست اجبارية. وكان من بين أهم الشروط التي وضعتها الجزائر من أجل اقتناء اللقاح هي أن يكون فعالا بالدرجة الأولى بحيث لا تقل درجة فعاليته عن 92 الى 95 بالمائة كما تنص على ذلك تعليمات منظمة الصحة العالمية التي لن تقبل حسب ممثلها بلقاحات تقل فعاليتها عن 50 بالمائة، حيث أكد الوزير الأول السيد عبد العزيز جراد أن الجزائر لن تتسرع وستأخذ القرار المناسب لاختيار اللقاح الذي يتوفر على ضمانات كبيرة. كما أن الجزائر التي ستكون من بين أوائل دول العالم التي ستقتني اللقاح، ستعتمد على اقتنائه في اطار منظم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الاممالمتحدة ومجموعة كوفاكس التي تضم 172 دولة من بينها الجزائر، وهي تعمل على متابعة كل التطورات الخاصة باللقاح منذ شهر اوت المنصرم، خاصة الأبحاث السريرية التي بلغت بعضها مرحلتها الثالثة. كما أنه من بين الشروط التي ستعتمدها الجزائر في اختيار اللقاح هي أن يتلاءم مع قدرة الدولة في التخزين والحفظ في درجات معينة، وأن يتم اقتناؤه عبر وسائل لوجيستية تضمن حفظه في درجة حرارة معينة وكان وزير الصحة والسكان واصلاح المستشفيات السيد عبد الرحمان بن بوزيد قد كشف عن اعداد استراتيجية وطنية للتلقيح من خلال تنصيب لجنتين واحدة يترأسها وزير الداخلية وتتكفل بالجانب اللوجيستيكي والثانية يترأسها وزير الصحة وتتكفل بمتابعة عملية التلقيح في المؤسسات الإستشفائية عبر الوطن، على أن يتم الشروع في عملية التلقيح خلال شهر جانفي المقبل ولهذا الغرض وضعت الجزائر اجراء مستعجلا لتسجيل اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من خلال الوكالة الوطنية للمنتجات الصيدلانية ومعهد باستور. الجدير بالذكر أن مخابر امريكية اكدت أن السلالات الجديدة للفيروس لن تؤثر على فعالية اللقاح، فيما نبهت منظمة الصحة إلى أن اللقاح هو الآخر ليس بالحل السحري للقضاء على الوباء المستمر منذ عام وانما المحافظة على البروتوكول الصحي الوقائي ضرورية لتجنب العدوى.