تشهد أجهزة مكثفات الأكسجين، هذه الأيام ندرة حادة، في مختلف محلات بيع المعدات والتجهيزات الطبية والصيدليات بولاية وهران وباقي المدن، حيث ومنذ ارتفاع عدد الإصابات بالسلالات المتحورة، التي يحتاج فيها المريض إلى هذه المعدات التنفسية، زاد الطلب عليها خاصة وأن الكثير من الأطباء المشرفين على مصالح «كوفيد 19»، يوجهون مرضاهم إلى العلاج بالمنازل، بسبب أولا حالتهم الصحية غير المعقدة جراء الإصابة بالفيروس وتشبع المستشفيات بالمصابين. وأمام هذا الوضع عرفت أسعار مكثفات الأوكسجين، ارتفاعا مذهلا فبعدما كان ثمن المكثف الواحد سعة 10 لتر ب 7 ملايين ارتفع إلى 11 مليون سنتيم، ومع تدهور الأزمة الصحية، أصبح اليوم يقارب ال 40 مليون سنتيم، والحصول عليه بات بشق الأنفس، بسبب عدم توفره بمحلات بيع المعدات الطبية وحتى لدى الصيدليات، بل يتم اقتناؤه من بعض التجار الذين قاموا بشرائها منذ بداية ظهور السلالات المتحورة، ليعيدوا بيعها مجددا بأسعار ملتهبة، مستغلين فرصة تراجع الوضعية الوبائية بالبلاد، بظهور سلالات متحورة جديدة لتحقيق أرباح سريعة، منافية لأخلاقيات التجارة، ويظل مشكل اقتناء مكثف الأكسجين، مطروحا إلى غاية كتابة هذه الأسطر، سواء بعد فتح باب جمع التبرعات، لاقتناء هذه المعدات أو استيراد الدولة لمئات المكثفات للتخفيف من حدة الأزمة. رحلة شاقة وللوقوف على هذا المشكل ومعرفة الأسباب الحقيقية، أمام الندرة الحادة في اقتناء هذه المعدات (مكثفات الأوكسجين) ولو بأسعار مرتفعة، رافقنا قريب مريض، يبلغ من العمر 45 سنة، أصيب بالسلالة المتحورة الجديدة، حيث لاحظنا مدى معاناة الأب، لجلب جهاز مكثف الأوكسجين لابنه المريض القاطن، بحي «لونشو» بالمرسى الكبير، حيث عانى الأب من أجل شراء مكثف أوكسجين بسعة 10 لترات، ليضطر في الأخير إلى استئجار جهاز من عند أحد الصيادلة بوسط المدينة، ولأن حالة ابنهم لم تكن معقدة، نصح طبيب العائلة الوالد، بضرورة بقاء الابن بالمنزل للعلاج مع استعمال مكثف الاوكسجين، لكن وفي ظل الندرة الحالية، وجد رب العائلة صعوبة كبيرة في جلب الجهاز، حيث قصد كل الجهات ولكن اصطدم بانعدام الجهاز في مختلف الصيدليات وحتى محلات بيع العتاد الطبي، حيث أكدوا له نفاد كمية «المكثفات» التي كانت بحوزتهم، خصوصا بعد ظهور السلالة المتحورة الجديدة، التي يحتاج المصاب بها إلى الأوكسجين. * مليونان لليلة واحدة وأن هذه الازمة الوبائية فتحت شهية بعض التجار الجشعين، وإعادة بيعها أو تأجيرها بمبلغ مليونين سنتيم ل 24 ساعة فقط، كما قيل لنا خلال دردشتنا مع أحد الباعة المتواجدين بحي سيدي البشير (بلاطو) سابقا، مؤكدا بدوره أن هذه الاجهزة قد نفدت بالمحلات والصيدليات لكثرة الطلب عليها، كما أنه لا يمكن جلبها مجددا، بسبب ندرتها في سوق الجملة، وعدم وصول الكميات المستوردة إلى الولاية، ونفس التصريحات أيضا أدلى بها بعض الصيادلة الذين توجهنا إليهم منهم المتواجدون بوسط المدينة وبالجامع القطب عبد الحميد بن باديس، ومرافال وغيرها من الأحياء، والذين أشاروا أصحابها إلى «أن الطلب كبير على هذا الجهاز الخاص بالتنفس، لكن لحد الساعة الأجهزة مفقودة في السوق الوطنية، ولا نعلم متى يكون متوفرا، وأكد أحدهما أنه يوميا يتوافد عليه العشرات من المرافقين للمرضى المصابين بالوباء، لاقتناء هذه المعدات لأحد أفراد عائلاتهم لكن دون جدوى، علما انه كان متوفرا في السابق، لكن تم شراء المنتوج بأكمله، لاسيما بعد تدهور الوضعية الصحية الوبائية بالجزائر، هذا وقد نصحنا أحد الصيادلة بالتوجه الى أحد الأشخاص لكن بسعر يقدر ب 38 مليون سنتيم، ولكن هذا الأخير أكدت لنا أن أجهزة التنفس الاصطناعي، نفدت الاسبوع الفارط، بسبب الطلب المتزايد من قبل المواطنين، خصوصا الذين لديهم مرضى حالاتهم غير مستعصية. * الاستنجاد بمواقع التواصل الاجتماعي لنواصل رحلة البحث ونستنجد بمواقع التواصل الاجتماعي، والتي من خلالها تبين امتلاك بعض الاشخاص لهذه الأجهزة، لكن بسعر خيالي يزيد عن 35 مليون سنتيم، وفي ظل تأزم الوضعية الصحية لمريضنا، تم تحويل المصاب إلى المستشفى للعلاج من الوباء، ليتوفى في آخر المطاف متأثرا بالوباء وبانعدام جهاز مكثف الأوكسجين، رغم ان حالته لم تكت حرجة، ومن خلال هذه الرحلة الشاقة وقفنا على حجم المعاناة الكبيرة التي يتكبدها المرافقون للمرضى المصابين، لاقتناء مكثف الاكسجين، أمام جشع وطمع «تجار الأزمات»، الساعين لتحقيق الربح السريع حتى ولو على حساب المرضى. * فتح الباب لتوفيرها في السوق وفي هذا السياق أشارت المكلفة بالإعلام على مستوى النقابة الوطنية للصيادلية، أن البلاد تشهد أزمة حادة في مكثفات الأكسجين، بسبب قلتها في السوق وكثرة الطلب عليها، بعد تدهور الوضعية الوبائية، الناجمة عن ظهور سلالات جديدة، يحتاج فيها المصاب إلى الاكسجين، وعليه وجب التعاون وتضافر جهود الجميع، من أجل توفير مثل هذه المعدات بالسوق المحلية بأسعار معقولة، في ظل استثمار بعض سماسرة الأزمات، لهذه الوضعية الصحية المتدهورة، ليرفعوا ثمن المكثف الأكسجين إلى 40 مليون سنتيم، وهذا أمام تزايد الطلب على مثل هذه المعدات التي ينصح بها الأطباء، للمرضى المصابين بالوباء ولكن حالاتهم لا تستدعي الاستشفاء في المنازل، وإنما العلاج المنزلي خارج الهياكل الصحية المشرفة على علاج «كورونا»، مشيرة إلى ضرورة وضع تسهيلات للمهتمين بتوفير هذه المعدات بالسوق وبأسعار معقولة، فيما أكدت نفس المتحدثة أن أعضاء النقابة يشجعون جميع المبادرات التي يقوم بها رجال الاعمال أو الجمعيات أو أصحاب الشركات وغيرهم، الذين يقفون مع الجيش الأبيض في حربه ضد العدوى، والمساهمة في توفير هذه المكثفات للمصاب، لاسيما شركة «بيوفارم» التي قامت باستيراد 500 جهاز من مجموع 2000 مكثف أكسجين سيتم جلبها من الخارج، والتي تم توزيعها على 12 ألف بسعر موحّد حدد ب 115 ألف دينار. مؤكدة أن العملية لقيت استحسانا كبيرا، في ظل انتشار وباء «كوفيد 19»، وبهدف مواجهة المنحى التصاعدي للعدوى. * الذهاب للتلقيح ولمعرفة أهمية هذه المكثفات لدى المصاب ب«كوفيد 19»، اتصلنا هاتفيا بالبروفسور صالح للو، المختص في الأمراض الصدرية بمستشفى أول نوفمبر بإيسطو، الذي أكد بدوره أن جهاز مكثف الأكسجين، يساعد على تركيز الاكسجين من الهواء المحيط، عن طريق إزالة النيتروجين وإيصال الأكسجين النقي إلى المصاب بعد انخفاض مستواه، وحسبه فإن المرضى الذين نسبة الأكسجين في دمهم بين 85 الى 90 بالمائة، ينصح بمكوثهم بالمنزل للعلاج بعيدا عن المستشفيات، باستخدام مكثف الأكسجين، أما أقل من هذه النسبة، فينصح بتوجيههم إلى مصالح علاج كوفيد 19، لتلقي العناية اللازمة، مجددا دعوته المواطنين بضرورة التزام بالقواعد الصحية المتفق عليها على غرار: الزامية ارتداء الكمامة وغسل اليدين واحترام التباعد الجسدي وتفادي التجمعات وغيرها من الأماكن المكتظة التي تكون عادة بؤرة حقيقية للوباء، مشيرا إلى استعداد الجميع لاحتمال ظهور موجة رابعة، مع ظهور طفرات مفاجئة للسلالة الأصلية، وعلى حسب البروفيسور للو صالح، فالحيطة والحذر واجبتان، مشيرا الى أنه على الجميع لاسيما كبار السن المصابين بالأمراض المزمنة على غرار : السكري والحساسية والضغط الدموي وغيرهم منهم التوجه بقوة إلى مراكز والفضاءات المفتوحة لتلقي التلقيح، باعتباره السلاح الوحيد المتوفر حاليا لمجابهة الوباء والخروج بأخف الأضرار، من الأزمة الصحية الحالية، وأن الاستهتار والتراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية عادة ما تكون وخيمة على صحته وصحة الآخرين.