تمهيد : كان يبني عالما جميلا بريشة الفنان عالما تحكمه الفضيله يسوده الوئام فأرسل النغم وغنى للسلام فامرعت خميله و انتصر الإنسان لم يكلم أحدا هذا الصّباح لم يودع أحدا هذا الصّباح الوقت يجري وجمال يريد أن يسابق الرّياح، يسابق الحريق. الرّيح تعوي في السّهول والذّرى، تغازل النّيران، والنّاس تهوي في سقر. كيف يهب لنجدة الإنسان لنجدة البقر، ونجدة الشَّجر؟ النّار تحرق القلوب تسير في الدّروب تحاصر السّكان كيف أبدا يا أبي كيف أوغل في الجهات والمدى دخان؟ انشقت الأرض أمامي ثمّ مال الوقت فوقي وتحداني الزّمان ها أنا أجري وأجري أريد أن أطوق المكان تسقط الأشجار حولي يحترق الطَّير على الأغصان والقلب نار موقده أشعلها الشّيطان @@@@ راح يجري يمنة ويسرة علّه يسمع صوتا لبكاء أو أنين بين زيتون وتين علّه ينقذ شيخا هرما أو عجوزا علّه ينقذ طفلا أو فتاة تنتظر النّجاة ما لهذا القلب يجري يترك الجسم بعيدا و يخوض في القفار؟ ما لهذي العين تجري تترك الجسم يُعاني بين دخان ونار؟ إنَّها الرّوح تشق الحس كي ترى ما يختفي خلف الجدار ما الذي شاهده في الغاب ما الذي حاصره فارتاب داهمه الدّوار ولفه الإعصار ما هذه الجموع تهجم كالقطيع تسحبه من رأسه تجرّه من رجله تطعنه من اليمين واليسار انتابه الدّوار وأطلق صراخه من الألم يريد أن يسدد الكلام يريد أن يبدد الظلام لكنّهم لم يسمعوا غير نداء النّار هم الوحوش لا كذب وهم حمّالة الحطب ربّاه يا للعار أين حماة الدّار لا شيء غير النّار والغضب يا أخي في الدّين يا أخي في اللّغة والوطن أين اختفى الأحرار في زمن الخشب؟ أتيت كيما أنقذ النّاس من الحريق فأحرقوني هجرة ثمّ رموني في الطّريق لم تكن ناري بردا وسلاما فأنا لست الخليل لكن موتي تطفئ اللّهب هذا دمي لما يزل ينادي هذي عظامي تصرخ في وسط الرّماد لا تحسبوني ميتا لا لن أموت حتَّى أرى القاتل في القيود فأنا حي هنا في الملكوت أنتظر عقابه من عالم الخلود.