@ المنتجات الأوروبية التي غزت السوق الجزائرية استفادت من اعفاءات جمركية جد مهمة ، قدرت بنحو 30 مليار دولار. كان الاتحاد الأوروبي ولا يزال ، الرابح الأكبر من وراء توقيعه لإتفاق الشراكة مع الجزائر ، التي تحولت للأسف الشديد في هذه الحالة إلى الحلقة الأضعف ، وبالتالي الخاسر الأكبر في هذه الصفقة غير المربحة ، التي لم تخدم قط مصالحها الاقتصادية و لا التجارية على حد سواء ، بل على العكس ، كبدتها خسائر بالملايير هي في غنى عنها ، والتي لا بد من كبحها و وضع حد لها ، حتى لا تعمّق من الآثار السلبية و الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا ، و أيضا حتى لا تأخذ هذه الوثيقة التي من المفروض ، وكما هو متعارف ومتفق عليه في عقود الشراكة ، أن تساهم في تطوير علاقات التعاون بين الطرفين ، الاقتصادية والتجارية تحديدا...الاتجاه المعاكس للتصور الذي رسمته بلادنا فيما يخص الانعاش الاقتصادي ودفع عجلة التنمية ، على المدى القريب والمتوسط وحتى البعيد. لقد أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، بمراجعة المواد التي تضمنها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بندا بندا ، وفق نظرة سيادية تسمح بتثمين الانتاج الوطني وتعزيز النسيج الصناعي وخلق مناصب شغل لامتصاص أكبر قدر من البطالة ، هكذا تريد الجزائر أن تكون علاقتها الاقتصادية و التجارية مع الشريك الأوروبي ، قائمة على التعاون المثمر في القطاعات المهمة ، لاسيما الصناعة الصيدلانية و الطاقات المتجددة ، وكذا الصناعة الغذائية و غيرها من القطاعات المهمة ، التي تصب في صميم توجهها الاقتصادي الجديد الذي تراهن عليه اليوم و مستقبلا. أكثر من 54 مادة تتطلب المراجعة لقد اكتفت بلادنا منذ دخول هذا الاتفاق حيز التطبيق في 2005 ، بدور المتفرج على المنتجات الأوروبية التي غزت الأسواق الجزائرية ، كونها استفادت من اعفاءات جمركية جد مهمة ، قدرت بنحو 30 مليار دولار ، وهو ما سهل لها مهمة العبور ، وجعل حجم المبادلات التجارية منذ البداية ، تكون أحادية الجانب ، أو بمعنى أصح ، تسير في إتجاه واحد لا غير... ما لا يقل عن 54 مادة من الوثيقة الموقعة ، حول المبادلات التجارية وحركة البضائع ، وكل ما يتعلق بالاستيراد والتصدير ، من أصل 110 مادة تضمنها هذا الاتفاق ، بحاجة إلى مراجعة وإعادة صياغتها من جديد. التوازن..الحلقة المفقودة يرى خبراء الاقتصاد ، أن علاقات التعاون بين بلادنا و الاتحاد الأوروبي لم ترق إلى المستوى المطلوب ولم تحقق الأهداف المنشودة ، لاسيما فيما يخص الاستثمارات الأوربية المباشرة في الجزائر ، التي كانت ضعيفة إن لم نقل شبه منعدمة ، مما حال دون تسجيل التعاون فيما يخص التكوين و نقل الخبرات و التكنولوجيا الأوروبية إلى بلادنا ، حسبما ينص عليه الاتفاق ، ونفس الشيء بالنسبة لتصدير المنتجات الوطنية نحو أوروبا ، فباستثناء صادرات المحروقات ، لم تتمكن المنتجات الوطنية من دخول الأسواق الأوروبية ، وأكثر من ذلك لم يتم تحديد قائمة المنتجات الجزائرية التي يمكن تصديرها إلى أوروبا أصلا في هذا الاتفاق ، وتلك كارثة أخرى...علما أن وثيقة أتفاق الشراكة الموقعة ، تؤكد على تفعيل التبادل التجاري المتوازن بين الجانبين ، الجزائري و الأوروبي ، و كذا إلغاء الرسوم الجمركية ، التي كان الشريك الأوربي المستفيد الأكبر والوحيد منها ، كل هذه العناصر و الأسباب باتت تفرض ضرورة إعادة مراجعة كل المواد التي تضمنها الاتفاق ، وأهم من هذا تصحيحها لإنصاف كل طرف على حدة. إشراك الكفاءات الوطنية مما لاشك فيه ، أن عملية التقييم و المراجع التي تطالب بها الجزائر من أجل إعادة صياغة المواد التي لم تخدم المصالح الاقتصادية و التجارية لبلادنا ، تقتضي بالضرورة إشراك كل الخبراء و الكفاءات الجزائرية المختصة في الاقتصاد و في القانون ، ممن لهم دراية بأدق تفاصيل هذا الملف ، الذي يكتسي أهمية بالغة ، من أجل تصحيح كل المواد التي لم تكن متوازنة حتى لا نقول عادلة في حق بلادنا ، لاسيما المتعلقة بحرية تنقل البضائع وكل النصوص ذات الصلة بالخدمات ، و التعاون الاقتصادي ، و كذا قوائم المنتجات القابلة للتسويق والعابرة للحدود..