كان يوهمني بصداقة واسعة الحيّز ومشرقة الأفق، بريئة من الضيق المكاني، متطلعة إلى الشفافية والأخوة البرّاقة؛ يغلّف اللثة بالقول الحسن ويغمس اللسان والنواجد في العسل.. ينوّمني.. ويقيمني في فردوس الضيافة والأبراج العاجية، استغل طيبتي، ورتّب بيتي، وأعلى حولي جدرانا من الأوهام وبسط تحت رجلَيّ السُّجاد الناعم أؤدي عليه طقوس سذاجتي؛ كنتُ أدعو إلى قواعد كيان، وحدوي الزوايا متين الخراسانة، يجمعنا فوق بساط من عهن وحلم من سندس شاء وجوده الأسلاف، وتجسيده على الأكتاف واقعا نتململ في حضنه ونتمرّغ في صلابته برجولة وعنفوان هامات تناطح سحابنا المتبخر.. صديقي ..لم يكن صادقا ولا أخاً كما توسّمتُ في ضلعه ومن بين برديه الأخوة المنشودة.. صديقي كان ينفث من تحت لسانه الانفتاح والمبررات وواهي المقدمات دون اقتناع.. صديقي كان مدّعيا ادعائيا.. مُثقفا ثقافة الواجهة يلبس رداء الثقافة مع صحو الجو ، ليتدفّأ به ويخلعه عند أية هبة ولو على قوة نسمة تلفح منخاره بصرصرة زكام.. صديقي جمعته بي نزوة تاريخ وربطتني به نشوة حماس عابرة؛ قذفة كرة في مرمى عدوّ مشترك؛ تشاركنا معركة رمت بها صدفة، بنينا عليها انتصارات وطمسنا بها انكسارت.. صديقي باعني في سوق اللا رابح ولا خاسر، كلانا بلا حجة ولا موقف سوى أننا عبدان في سوق النخاسة، تحكُمنا قواعد بورصة الريح وطاقة النجاسة...