أثارت عملية تسليم رئيس الحكومة الليبية السابق المحمودي البغدادي إلى السلطات الانتقالية الليبية جدلا سياسيا حادا على مستوى القيادة السياسية للبلاد حيث اعتبر الرئيس المنصف المرزوقي أن القرار الحكومي في هذا الشأن اتخذ دون استشارته وموافقته فيما أكدت الحكومة أنها أطلعته على عملية التسليم الأحد. واعتبر الرئيس المنصف المزوقي أن توقيع رئيس الحكومة على أمر التسليم يعتبر " خرقا واضحا لالتزامات تونس الدولية وكذا تجاه الأممالمتحدة فيما دعا أعضاء المجلس التأسيسي إلى البث في هذه المسالة " بعد أن تجاوزت الحكومة صلاحياتها" حسب تعبيره. وكان الرئيس التونسي قد عبر في وقت سابق عن " معارضته " لتسليم المسؤول الليبي السابق " إلا بعد التأكد من توفر ضمانات المحاكمة العادلة " مشددا على أن " مبادئه ونضالاته في سبيل نصرة حقوق الإنسان لن تسمح له بتسليم هذه الشخصية إلا بعد التأكد من ضمان المحاكمة العادلة. وبالمقابل ابرز الناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو أن عملية تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي" استوفت" جميع الشروط القانونية والحقوقية وانه" تم اطلاع" الرئيس المنصف المرزوقي بعملية التسليم يوم الأحد نافيا أن تكون هناك أزمة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي. وفي هذا الإطار أكد وزير العدل السيد نور الدين البحيري أن قرار التسليم جاء " طبقا للشرعية وللقوانين المعمول بها في تونس " وانه أتى طبقا لحكم قضائي وان الحكومة " لم نتجاوز صلاحيات" الرئيس المرزوقي. وفي ذات السياق حمل حقوقيون وسياسيون تونسيون الحكومة التونسية المؤقتة " المسؤولية الكاملة" لما قد يلحق برئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي. ووصفت هيئة الدفاع عن البغدادي قرار التسليم ب " الخطير والمخالف" للقانون والقيم والأخلاقية والدينية والإنسانية كما أبرزت " عدم وجود أي مبرر" لتعمد الحكومة تنفيذ قرار التسليم البغدادي دون الحصول على توقيع رئيس البلاد وفقا لما يقتضيه القانون . وكانت الحكومة التونسية المؤقتة قد أكدت في بيان لها أمس الأحد أن عملية التسليم جاءت بعد "معاينة شروط توفر المحاكمة العادلة " كما تمت بناء على "تعهدات" الحكومة الليبية" بضمان الحماية " لهذه الشخصية ضد أي تجاوزات مخالفة لحقوق الإنسان. وتضمن البيان الحكومي أن تسليم البغدادي المحمودي " جاء استنادا " إلى حكمين قضائيين صادرين خلال شهر نوفمبر 2011 كما أتت عملية التسليم بمقتضى محضر مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 15 ماي 2012 . يذكر أن قرار تسليم البغدادي المحمودي ظل لوقت طويل محل جدل بين العديد من الأطراف السياسية والمدنية الوطنية والدولية لاسيما المنظمات الحقوقية التي رأت أن تسليمه إلى السلطات الليبية في ظل الأوضاع السياسية والأمنية الحالية بهذا البلد ينطوي على تهديد كبير لسلامته الشخصية وحقوقه الأساسية وحقه في المحاكمة العادلة. وقد ظل المحمودي البالغ من العمر 67 سنة يقبع بالسجن جنوبتونس العاصمة منذ اعتقاله في 21 سبتمبر 2011 بعد دخوله غير الشرعي الأراضي التونسية . ووجهت السلطات الليبية الانتقالية طلبين رسميين إلى الحكومة التونسية لتسليم المحمودي واحالته أمام القضاء الليبي متهمة اياه بالفساد المالي في عهد معمر القذافي وب "التحريض" على اغتصاب " نساء ليبيات خلال الاحداث التي عرفتها ليبيا والتي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.