احتضن فندق "الميريديان" بوهران يوم السبت الماضي العرض الأول للفيلم الفرنسي الصامت "الفنان" لمخرجه "ميشيل هازانفيسيوس " الحائز على عدة جوائز عالمية و هو من بطولة "بيجو برنيس" و "جان ديجاردان" , العرض قدم في إطار البرنامج السينمائي الذي سطره المعهد الفرنسي بوهران خلال هذا الموسم , حيث أعاد الجمهور الوهراني إلى زمن السينما الصامتة من خلال مشاهد كلاسيكية نقلت باحترافية المأساة التي عاشها واحد من أكبر نجوم السينما الهوليودية في ذلك الوقت , و المرحلة الانتقالية الكبرى التي عرفها الفن السابع من التمثيل الصامت إلى الناطق و ذلك بسبب متطلبات العصر و تغير مناخ الصناعة السينمائية في العالم الأمريكي . فيلم " الفنان " الذي أنتج عام 2011 مكن عشاق الفن السابع بوهران من اكتشاف الرؤية الاخراجية التي اعتمدها " ميشيل " في عمله السينمائي المطابق تماما لأفلام هوليوود الصامتة في العشرينيات , و ذلك من خلال توظيفه للإيقاع السريع و الحركة داخل المشهد و انتقائه الجيد للديكور و زوايا التصوير ، كما لفت انتباه الجمهور بالإضاءة الناعمة التي وظفها بين الكتل والفراغات تماما. و ما زاد من جمالية العمل و رونقه هي تلك النغمات الموسيقية الشائعة في هذا النوع من الافلام ناهيك عن المشاهد الطريفة التي عززت فكرة السيناريو و جعلته يترجم باحترافية ميزات السينما الأمريكية الصامتة . أما فيما يخص الممثلين فقد نجح الممثل الفرنسي الكبير "جان ديجاردان " الذي قام بدور "فالنتين" في التأثير على المشاهد و حتى النقاد بحضوره القوي و قدرته على التنويع و الانتقال من الحزن الى الفرح ومن الغضب إلى الهدوء خصوصا أن ملامح وجهه قد ساعدت على تجسيده لهذا الدور الصعب , في حين برزت الممثلة "برنيس بيجو " التي قامت بدور "بيتي" بقدراتها الاستعراضية الهائلة و آدائها العاطفي و روحها المرحة التي أضفت على الفيلم جوا ترفيهيا لطيفا . وتدور أحداث فيلم "الفنان" عام 1927 حول قصة الممثل "جورج فالنتين " الذي يتعرض لانهيار نفسي و جسدي بعد زوال السينما الصامتة و ظهور الأفلام الصوتية عام 1929 , فاتجاه هوليوود نحو السينما الناطقة تسبب في تقلص شعبية "فالنتين " واختفائه وراء الأنظار مثله مثل باقي الفنانين الذين لمعوا في التمثيل الصامت , كما سلط المخرج أيضا الضوء في فيلمه على عامل الرومانسية من خلال قصة الحب المؤثرة التي جمعت " فالنتين " و " بيتي ميللر " التي التقى بها أثناء افتتاح أحد أفلامه عند مدخل السينما , وهي ممثلة ثانوية تحاول التقاط صور مع " فالنتين " للفت الانتباه اليها و الحصول على فرصة لتقمص أدوار أساسية في هوليوود , و لأنها فتاة جميلة و مرحة يقع "فالنتين" فورا في حبها و يرشحها للظهور معه في دور صغير بأحد أفلامه رغم اعتراض المنتج , لكن و مع ظهور موجة السينما الناطقة تصبح "بيتي" من أشهر الممثلات و يسطع نجمها بسرعة في عالم الشهرة , في الوقت الذي يتراجع فيه حضور " فالنتين " الذي يجد نفسه في خانة الإهمال و التهميش بعد أن تجاوزه العصر وأصبحت طريقته في الآداء لا تجذب جمهور السينما الجديد, وسرعان ما تتراكم عليه الديون فيضطر للاستغناء عن خدمه و أثاث منزله ، , و في الوقت الذي ينساه الجميع لا تزال "بيتي ميللر" تتذكره وتحمل له حبا كبيرا في قلبها حتى بعد أن أصبح بائسا ،مما يدفعها لمساعدته دون أن يعلم محاولة انتشاله من حالة البؤس التي يعيشها . و تجدر الاشارة أن فيلم " الفنان " يعد أول فيلم فرنسي يفوز بخمس جوائز أوسكار , كما توج أيضا في مسابقة الأكاديمية البريطانية للسينما "بافتا " في دورتها ال 65، أين افتك سبع جوائز تتضمن جائزة أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل لنجم الفيلم "جين دوجاردن" وفاز الفيلم أيضا بجائزة أفضل سيناريو و افضل تصوير، وأفضل تصميم للأزياء .